قراءة في الاتفاق الموقع بين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وقوات الدعم السريع (ق د س)(٢)
بقلم : الصادق علي حسن.
تناولنا في المقال السابق (١) ومن ضمن محاور الاتفاق الثلاثة المذكورة وهي (الطرفان-موضوع الاتفاق والتكييف القانوني -النفاذ) المحور الأول وهو (الطرفان) ، وفي هذا المقال (٢) ساتناول المحور الثاني وهو (موضوع الاتفاق والتكييف القانوني) ولكن قبل ذلك سأتناول بعض رسائل القراء خاصة ان الغرض الأساسي هو الحوار والرأي والرأي الأخر . هنالك ملاحظات هامة وردت لي من قبل العديد من القراء ، سانقل بعضها وأعلق عليها .
تصويب :
د قيس حامد الأستاذ الجامعي كتب الآتي : ( هل تحديد الطرف الثاني في الإتفاق مع الدعم السريع بقحت بدلا عن تقدم خطأ ام مقصود؟
اتمنى ان يكون خطأ غير مقصود لأن الهدف من المقال تثقيفي وتقييمي لذا يفترض أن تسمى الأشياء بمسمياتها التي ارتضتها ثم في مرحلة التقييم تسمى بما خلص اليه الباحث)، كذلك هنالك ملاحظة مماثلة من الأستاذة رباح الصادق وكتبت الآتي : ( ننتظر بقية نقاشك لخطوة الاتفاق بين ق د س وتقدم
ملاحظتي في المقال أعلاه كانك تخلط بذكر قحت احيانا وانت تقصد تقدم ) . كما هنالك إستفسارات مماثلة وردت في عدة رسائل وتنبيه للخطأ في (قحت بدلا عن تقدم) من البروفيسور أحمد الصافي. عن (قحت بدلا عن تقدم) صحيح ما جاء كان على سبيل الخطأ الكتابي كما ومع التصحيح أيضا أوضح بأنني وقعت في خطئا آخر وذلك بوضع تقدم في موضع (الطرف الأول) في ذلك الاتفاف و قوات الدعم السريع في موضع (الطرف الثاني) . ان كل نسخ الاتفاق المنشورة والمتداولة لا توجد فيها تبيان للطرفين من حيث الترقيم ، وفي ابرام الاتفاقيات والعقود بالسودان جرى العمل على ان يكتب الطرف الأول بصفته (أولاً) أو (يميناً) والطرف الثاني بصفته (ثانياً)أو (يساراً) وبحسب الترتيب بالذكر في الاتفاق المذكور فإن الطرف الأول هو الدعم السريع وليس العكس كما ورد في مقالنا (١)، وأهمية هذا التصحيح أيضا قد تبرز عند النظر في الاتفاق وبنوده وفي السؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان . هل يندرج الاتفاق ضمن اتفاقيات عقود الإذعان ؟ ، ففي عقود الإذعان يُملي الطرف القوي إرادته على الطرف الضعيف ويستجيب الطرف الضعيف لإملاءات الطرف القوي نظير الخدمات التي يحصل عليها مرغماً وذلك ما قد نبحثه عند تناولنا للمحور الثالث (النفاذ).
ملاحظات هامة :
هنالك ملاحظات حول أهمية توضيح الفرق ما بين الاتفاق والإعلان، وقدم الأستاذان ماجد عبد الله وعبد الرحمن القاسم تعريفات ضافية تفيد القارئ كثيرا ونكتفي هنا بايراد ما يساعد القاري بإيجاز في فهم المقصود ببعض المصطلحات القانونية وذلك حتى يكون ملما عماذا تعني هذه المصطلحات
والفرق بينها.
١/المعاهدة : مصطلح يطلق على اﻹتفاقيات السياسة الهامة كمعاهدات السلام والتحالف .
٢/ الاتفاقية : مصطلح يطلق على المعاهدة الجماعية التي تعقدها الدول في غير الشئون السياسية والتي تحتوي على قواعد قانونية تنظم علاقات الدول اﻷطراف وقد تسري على غيرها وكذا المنظمات
٣/ الميثاق.=الدستور =العهد هذه المصطلحات تطلق على المعاهدات الجماعية المنشئة للمنظمات الدولية .
٤/ الإعلانات : مصطلح يطلق على مجموعة المبادئ العامة التي لا تتمتع بالصفة الالزامية ولها قيمة أدبية معنوية وتمتع بالثقل السياسي والأخلاقي إذا ما صدرت من هيئة دولية مثل الأمم المتحدة مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق المرأة . مصطلح الإعلان مرادفا لمصطلحات قواعد -مبادئ- مدونة توجيهية ، والإعلان يقاس به درجة إحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتقييد بأحكامها.
نواصل قراءة الاتفاق السياسي بين (تقدم ) و(ق د س) وذلك بتناول المحور الثاني من الاتفاق وهو (موضوع الاتفاق والتكييف القانوني).
بالنظر إلى موضوع الاتفاق وموضوعه كما جاء ذكره صراحة في بنوده انه يتمثل في العملية السياسية ، كما وقد تم بيان الغرض من العملية السياسية في بنود سنتعرض لها من خلال النظر في المحور الثاني المذكور.
ثانياً : موضوع الاتفاق والتكييف القانوني.
بافتراض حسن نية في الذين قاموا بصياغة الاتفاق السياسي فقد اختلط عليهم وهم في غفلة من أمرهم أوالتبس عليهم الفرق ما بين الإعلان والاتفاق فأطلقوا على الاتفاق السياسي مسمى الإعلان السياسي إما إذا لم يختلط او يلتبس عليهم ما الفرق بين الإعلان والاتفاق وقصدوا الخلط وقاموا باطلاق الإعلان السياسي على الاتفاق السياسي مداراة للأغراض،فهنا قد يظهر سوء النية من خلال إتخاذ غطاء مصطلح الإعلان السياسي لتمرير ما تم الاتفاق عليه في الاتفاق السياسي وإنشاء المراكز الاتفاقية المذكورة وتمريرها بمسمى الإعلان السياسي على المواطنين السودانيين وهم أصحاب الشأن أولاً وأخيراً وعلى الوسطاء . وبالرجوع إلى الإسم (الإعلان) وموضوع الاتفاق والنتائج. نجد ان الطرفان قد استخدما إسم الإعلان ولكن لم يستخدما صيغة الإعلان أو صيغه، فصيغة الإعلان أو صيغه تقوم على إبراز المبادئ والقيم المرعية والدعوة لكفالتها وإحترامها اما الاتفاق فيقوم صيغه على انشاء المراكز الاتفاقية الملزمة بين طرفيه أو أطرافه ، وفي الاتفاق السياسي لم يكتف الطرفان بانشاء المراكز الملزمة لهما ، بل واكثر من ذلك قاما بانشاء مراكز اتفاقية تترتب عليها التزامات افتراضية على الغير وعلى الدولة . كما وأسس الاتفاق لآليات تتشكل من أربع لجان تقوم بمباشرة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه .
في مقالنا القادم ساتناول النفاذ، وماذا يعني النفاذ ، والفرق بين النفاذ الفوري والتنفيذ الطوعي والجبري ، ثم مستقبل ما تم الاتفاق عليه ، وقد نشأت شراكة سياسية ثنائية بين (تقدم) و(ق د س) وبموجب هذه الشراكة الثنائية وظفت قيادة الدعم السريع شريكتها (تقدم) في الإعلان عن نفسها والظهور عبرها للرأي العام السوداني والمجتمع الدولي عقب تورطها مع قيادة الجيش بقيادة البرهان (تضامناً وإنفراداً) في ممارسات انتهاكات جسيمة وأسعة النطاق وتدمير البلاد وتشريد مواطنيها ، وقد أغفل الاتفاق السياسي مخاطبة الجرائم الجسيمة المرتكبة وأحالها إلى لجان قد تنبع من لجان فلجان أخرى غير معلومة، كما وصحب الإعلان الإعلامي عن الاتفاق السياسي بتدشينه من خلال عقد مؤتمر صحفي محضور حصول قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (الطرف الأول في الاتفاق السياسي) على عظيم الثناء والإحتفاء والتصفيق بشدة .كأن لم يحدث شيئا.
كما وفي المقال القادم وضمن رسائل القراء سانقل تعليق الأستاذ عبد الحميد باقا.