اسواق الدلنج .. تعقيدات فى المشهد التجاري

في تطور لافت يعكس تعقيدات المشهد الاقتصادي المحلي، امتنع عدد كبير من التجار في سوق مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان عن قبول الدفع النقدي المباشر، مشترطين التعامل عبر التحويل البنكي، في خطوة أثارت استياءًا واسعًا بين المواطنين، خاصة في ظل تفاوت كبير في الأسعار بين الطريقتين. هذا التحول في سلوك السوق جاء بعد انفراج مؤقت في أزمة السيولة، عقب صرف الجيش لرواتب جنوده نقدًا لأول مرة منذ اندلاع الحرب، الأمر الذي أدى إلى ضخ كميات كبيرة من النقد الورقي في السوق، لكنه لم ينعكس إيجابًا على حركة البيع والشراء، بل تسبب في أزمة جديدة.
الناشطة خولة بابور أوضحت في تصريح لـ”دارفور24″ أن توفر النقد لم يسهم في تحسين الوضع المعيشي، بل تحول إلى عائق إضافي، حيث رفض التجار التعامل بالكاش بحجة أن ذلك يقلل من هامش أرباحهم، مشيرة إلى وجود تفاوت واضح في الأسعار بين الدفع النقدي والدفع عبر التطبيقات البنكية. وأكدت أن سعر كيلو السكر، على سبيل المثال، يبلغ تسعة آلاف جنيه عند الدفع نقدًا، بينما يصل إلى ثمانية وعشرين ألف جنيه عند الدفع الإلكتروني، ما يعكس خللًا واضحًا في آليات التسعير.
من جهته، أفاد المعلم التجاني حمودة بأن المدينة شهدت خلال الأيام الماضية تدفقًا كبيرًا للسيولة النقدية نتيجة صرف رواتب الجيش، إلى جانب توقعات بصرف رواتب الموظفين المدنيين في اليوم التالي، بالإضافة إلى عمليات الإسقاط الجوي المتكررة في كادقلي، والتي ساهمت في إدخال مبالغ مالية معتبرة إلى السوق المحلي. ورغم هذا التدفق، أشار حمودة إلى أن التجار رفضوا التعامل بالنقد الورقي، واحتكروا السلع داخل المخازن، مشترطين الدفع النقدي فقط لعرضها للبيع، ما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي في المدينة.
وفي السياق ذاته، قال أحد المواطنين، فضل عدم ذكر اسمه، إن السوق يعيش حالة من الفوضى نتيجة غياب الرقابة، حيث يتصرف التجار وفقًا لما يخدم مصالحهم، فحين تنعدم السيولة يرفضون الدفع الإلكتروني، وحين تتوفر يمتنعون عن قبول النقد، ما يعكس حالة من التلاعب المستمر. وأضاف أن السبب الرئيسي وراء هذا السلوك يعود إلى الفروقات الكبيرة في الأسعار بين طريقتي الدفع، متهمًا التجار بالجشع وتعمد تعقيد الأزمة على حساب المواطنين الذين يواجهون ظروفًا معيشية صعبة.