النفط السوداني مهدد بالايقاف بعد هجمات الدعم السريع

في ظل تصاعد التوترات الأمنية في مناطق إنتاج النفط بالسودان، وجهت شركتان نفطيتان بارزتان تحذيرات رسمية إلى شركائهما في جنوب السودان بشأن احتمال توقف عمليات الإنتاج في ولاية الوحدة، وذلك عقب سلسلة من الهجمات بطائرات مسيّرة استهدفت مطار هجليج الحيوي. هذه التطورات تأتي في وقت حساس، حيث تعتمد البنية التحتية النفطية المشتركة بين البلدين على استقرار هذا المرفق الاستراتيجي لضمان استمرار تدفق النفط وتصديره عبر خطوط الأنابيب الممتدة من جنوب السودان عبر الأراضي السودانية.
الحكومة السودانية أعربت عن إدانتها للهجوم الذي استهدف حقول النفط في منطقة هجليج بولاية جنوب كردفان، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع تقف وراء العملية التي أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين، الأمر الذي دفع السلطات إلى التفكير في تعليق العمل وسحب العاملين من المواقع المتأثرة حفاظاً على سلامتهم. هذا التصعيد أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية، خاصة مع تكرار الهجمات على منشآت حيوية تمثل شرياناً اقتصادياً للبلدين.
شركتا بترولاينز للنفط الخام PETCO و2B للتشغيل 2OPCO أكدتا في بيانين منفصلين أنهما وجهتا رسائل تحذيرية إلى الجهات المعنية بعد تعرض مطار هجليج لهجوم جديد بطائرة مسيّرة في الثلاثين من أغسطس، يُعتقد أن قوات الدعم السريع نفذته، وذلك بعد أربعة أيام فقط من هجوم سابق أدى إلى سقوط خمسة قتلى وسبعة مصابين. وأوضحت الشركتان أن استمرار هذه الهجمات يشكل تهديداً مباشراً للبنية التحتية النفطية، ويضع مستقبل التعاون النفطي بين السودان وجنوب السودان في دائرة الخطر، لا سيما أن جنوب السودان يعتمد بشكل كامل على خطوط الأنابيب العابرة للأراضي السودانية لتصدير إنتاجه النفطي.
الرسالتان، الموقعتان من المدير العام محمد صديق الحسين، شددتا على أن العمليات مستمرة في الوقت الراهن، مع اتخاذ إجراءات احترازية لضمان سلامة العاملين، إلا أن الشركتين لم تستبعدا خيار وقف الإنتاج في حال استمرت الهجمات، وهو ما قد يترتب عليه تداعيات اقتصادية جسيمة. توقف الإنتاج سيؤدي إلى خسارة جنوب السودان الجزء الأكبر من إيراداته من العملات الأجنبية، بينما سيحرم السودان من رسوم العبور التي تمثل مورداً مالياً مهماً، في وقت يعاني فيه كلا البلدين من أزمات داخلية وعدم استقرار اقتصادي.
وفي تعليق رسمي، حمّل يحيى محمد عثمان، رئيس قسم الإعلام في السفارة السودانية بجوبا، قوات الدعم السريع مسؤولية الهجوم، واصفاً سلوكها بأنه غير مسؤول، محذراً من أن هذه العمليات لا تهدد الاقتصاد السوداني فحسب، بل تمس أيضاً المصالح الإقليمية والدولية المرتبطة باستقرار قطاع الطاقة في المنطقة. ودعا عثمان المجتمع الدولي إلى التدخل لدعم جهود استقرار الأوضاع ومنع المزيد من التصعيد.
من جهته، دعا إدموند ياكاني، المدير التنفيذي لمنظمة تمكين المجتمع من أجل التقدم، حكومة جنوب السودان إلى تبني موقف محايد والعمل على إطلاق مبادرة وساطة بين الأطراف المتنازعة، مشيراً إلى أن استمرار القتال في السودان قد يؤدي إلى تعطيل شبكة خطوط الأنابيب الحيوية التي يعتمد عليها البلدان في تصدير النفط.
الهجوم الذي وقع فجر السبت على منشآت هجليج، بما في ذلك المطار، يُعد الثاني خلال أقل من أسبوع، واستهدف منطقة تنتج نحو عشرين ألف برميل من النفط يومياً من حوالي خمسة وسبعين بئراً، كما تضم المحطة المركزية لمعالجة النفط الخام القادم من جنوب السودان، ما يبرز أهمية هذه المنشآت في منظومة الطاقة الإقليمية ويزيد من حساسية الوضع الأمني المحيط بها.