“يونسيف” : تفاقم الازمة الغذائية فى السودان وتدهور الاوضاع الانسانية

في ظل استمرار النزاع المسلح في السودان منذ منتصف أبريل 2023، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” تقريراً جديداً يحذر من تفاقم الأزمة الغذائية في البلاد، مشيرة إلى أن معدلات سوء التغذية الحاد تجاوزت مستويات الطوارئ في أكثر من 60% من المناطق التي شملتها عمليات المسح الميداني، وسط تدهور متسارع في الأوضاع الإنسانية على نطاق واسع.
التقرير، الذي يغطي الفترة من يناير إلى يوليو 2025، استند إلى نتائج 38 مسحاً ميدانياً حول التغذية والوفيات، وكشف أن معظم المناطق التي خضعت للتقييم سجلت معدلات تفوق العتبة الطارئة المحددة بنسبة 15%. ووفقاً للبيانات الواردة، فإن 80% من مناطق دارفور، وعلى وجه الخصوص شمال دارفور، تجاوزت هذه النسبة، ما يجعل الإقليم من بين أكثر المناطق تضرراً من الأزمة الغذائية الراهنة.
وبحسب التقرير، ارتفع عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد إلى 315,454 طفلًا خلال النصف الأول من العام الجاري، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 48.4% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، في مؤشر واضح على تصاعد حدة الأزمة الصحية بين الفئات الأكثر هشاشة.
وأوضحت “يونيسف” أن تفاقم الوضع يعود بشكل مباشر إلى تداعيات الحرب المستمرة، التي تسببت في انهيار سبل العيش في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء، وأجبرت ملايين السودانيين على الاعتماد شبه الكامل على المساعدات الإنسانية، التي تصل في كثير من الأحيان بشكل متقطع وغير منتظم.
كما أشار التقرير إلى أن أزمة التعليم لا تزال قائمة، حيث يُقدر أن نحو 14 مليون طفل من أصل 17 مليوناً في سن الدراسة خارج النظام التعليمي، مع تركز الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال في ولايات دارفور وكردفان، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه قطاع التعليم في ظل النزاع المستمر.
وفيما يتعلق بالاستجابة الإنسانية، أفادت “يونيسف” أن خطتها للعام 2025، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية مليار دولار، لم تحصل سوى على 38% من التمويل المطلوب حتى الآن، في وقت تسعى فيه المنظمة إلى تقديم الدعم لـ13.1 مليون شخص، من بينهم 8.7 مليون طفل، عبر برامج تشمل الصحة والتغذية والتعليم والمياه والصرف الصحي، إلى جانب المساعدات النقدية وخدمات حماية الأطفال.
ويأتي هذا التحذير في وقت يدخل فيه السودان عامه الثالث من الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهي الحرب التي أسفرت عن نزوح أكثر من 10 ملايين شخص وفق تقديرات الأمم المتحدة، وأدت إلى انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية.
وتشير تقارير صادرة عن منظمات إنسانية إلى أن السودان يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية على مستوى العالم، مع تصاعد معدلات الجوع وسوء التغذية وانتشار الأوبئة، فضلاً عن التحديات التي فرضتها الفيضانات الموسمية، والتي ساهمت في تعقيد الوضع الإنساني وزيادة الضغط على جهود الإغاثة الدولية.