الهادي ادريس: استمرار حكومة الحرب والأمر الواقع يعني تقسيم السودان

الهادي ادريس: استمرار حكومة الحرب والأمر الواقع يعني تقسيم السودان

د. الهادي إدريس لـ”سودان تايمز” :

هذه (…..) تفاصيل ماحدث بيننا وطرفي الحرب قبل “انفجار الفاشر”
….
حماية الإغاثة مسؤولية الجهة المسيطرة على الأرض ولدينا أدلة على سرقتها وبيعها
…..
المؤتمر التأسيسي لـ ” تقدم” جاء في وقت حاسم ولحظة تاريخية فاصلة
….
نعمل على أن يمثل حمدوك السودان في الأمم المتحدة بسبتمبر المقبل

أديس أبابا: أحمد خليل

حوار على صفيح ساخن أجرته “سودان تايمز” مع نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) د. الهادي إدريس، أوضح من خلاله حقيقة ماحدث قبل انفجار الأوضاع في مدينة الفاشر، وأحاط عن الوضع الإنساني والأمني الحالي بإقليم دارفور، مشيراً إلى مسعاهم لتخفيف وطأة الحرب على المواطنين، وأبان إدريس أهمية المؤتمر التأسيسي لـ “تقدم” والخطوات التي تليه لإيقاف الحرب ونيّل الشرعية محلياً ودولياً..

*حدثنا عن الوضع الإنساني في دارفور عموماً.. وشمال دارفور على وجه التحديد ..وإمكانية إدخال مساعدات إنسانية وفك الحصار.. ؟

الأوضاع الإنسانية سيئة للغاية ومايحدث بالفاشر كارثة حقيقية، صحيح أن دارفور وجميع السودان وقع بكارثة منذ حرب “15” أبريل، وكل العالم يشهد أن السودان يمر بأكبر كارثة إنسانية في العالم، وتهدد الأمن الإقليمي والدولي.. الأوضاع في الفاشر وإلى وقت قريب كانت غير متوقعة باعتبار أنها المدينة الوحيدة التي لم يستلمها “الدعم السريع” وبها ثلاثة جيوش وهي (الدعم السريع والجيش والحركات المسلحة)، أنا كنت بالفاشر من يناير إلى أبريل الماضي، وقيمنا الوضع وقدمنا عدد من المقترحات للتعامل مع الأوضاع الأمنية والإنسانية، ونبهنا إلى أنه مع وجود ثلاثة جيوش ولا يوجد جيش واحد يحتكر العنف، فهذه القوة قابلة للانفجار في أي لحظة وهذه المدينة مكتظة لجهة نزوح عدد كبير من المواطنين إليها، واصبحت مركزاً تجارياً ومدخل للبضائع والاغاثات إلى دارفور، وبالتالي إذا حدثت كارثة في الفاشر ستكون مشكلة كبيرة.. الاقتراح الأول أن يقوم الجيش والدعم السريع بوقف الحرب وهذا الخيار أصبح مستحيلاً باعتبار أن وقف العدائيات فشل، اتينا إلى الخيار الثاني والعملي وهو خروج الجيش والدعم السريع من الفاشر ويتركوا الإدارة الأمنية للحركات المسلحة.

* وماذا حدث بعد ذلك..؟
خضنا حوارات مع الطرفين، الدعم السريع بعد حوار طويل استجاب، وقال إنه موافق على الإنسحاب من الفاشر شرط أن ينسحب الجيش أيضاً، كذلك تواصلنا مع قيادة الجيش بالفاشر عبر القوة المشتركة وإلى حدٍ ما كانت هنالك استجابة بيد أن حركتي مني وجبريل، اصروا أن يقفوا مع الجيش وخرجوا من حياد الحركات وبهذا انقسمت القوة المشتركة التي كانت ستستلم الإدارة الأمنية للفاشر بين قوة انحازت للجيش “جبريل ومناوي” وقوة محايدة “الطاهر حجر والهادي إدريس”، أتينا إلى الأمر الواقع هو أن الحرب ستقع في الفاشر لا محالة ولم يكن هنالك شيء أمامنا إلا نوجه السكان في المناطق التي ستتأثر بالحرب مثل المتاخمة لفرقة الجيش بأن يبتعدوا إلى أماكن أقل خطورة، وانا اقترحت قبل أسبوعين عندما التقيت بالمبعوث الأمريكي للسودان أن يضغطوا على الطرفين “برهان وحميدتي” لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام لأجل أن يوفق المواطنين أوضاعهم ويخرجوا من مناطق الإشتباك، كل هذه الخيارات لم توفق وأصبح الموت اليومي من نصيب المواطنين بالدانات والذخيرة الطائشة سواء كان بالقصف بالطيران الذي أصبح مكثفاً بكبكابية، فالأوضاع الأمنية كارثية وتظل مناشدتنا لخروج السكان إلى المناطق التي لا توجد بها اشتباكات، إنسانياً الفاشر محاصرة من جميع الاتجاهات بواسطة قوات الدعم السريع ولم تتفق الأطراف على آلية لدخول الاغاثات، وانا اقترحت لممثل الأمم المتحدة أن توقع اتفاقيات إعلان مباديء لحماية المواطنين وعمال الإغاثة داخل أراضي جميع الجيوش والحركات بحيث يكون أمر الحماية مسؤولية الطرف الذي يسيطر على الأرض وأي انتهاكات داخل تلك الأرض مسؤولية الطرف المسيطر، ويجب أن توقع الأمم المتحدة عقوبات رادعة وترسل بذلك رسالة لطرفي الحرب بعدم التهاون في قضية الإغاثة ولدينا أدلة على سرقة وبيع الإغاثة، “ناس بورتسودان” يعتقدون أنهم الحكومة وأنهم يمثلون الشرعية، ويجب التعامل معهم، نحن نعترف أنهم يمثلون الجيش لكن لا توجد حكومة في بورتسودان، وهم وقعوا مع الأمم المتحدة إتفاق فتح المعابر، مثلاً في حدودنا بدارفور مع جنوب السودان وهي حدود طويلة حوالي ألف كيلو متر بيد أنهم ذهبوا وعملوا نقطة حدود في كوستي وهذا دل على النية السيئة، وفي تشاد بدلاً من أن تكون في أدري كانت بنقطة أخرى لأجل أن تقع الإغاثة في يدهم.

*كيف تنظرون إلى المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع؟
نحن ننظر إلى المواطنين الموجودين في مناطق سيطرة الدعم السريع بعد أن انسحب الجيش وتركهم تحت رحمة الدعم السريع ننظروا على أنهم مواطنيننا أيضآ ومن حقهم أن تصلهم اغاثات، وعندما تمنع عنهم الإغاثة هذا بضرورة استخدام الإغاثة كسلاح وهذه جريمة في حد ذاتها.

*هل لديكم آلية لإيصال المساعدات الإنسانية..؟
أنا اقترحت آلية أسميتها اللجنة المدنية لإيصال الإغاثة بأن لا تمنح إدارة الإغاثة للجيش ولا للدعم السريع ولا للحركات وتصبح الإدارة بيد المدنيين أنفسهم بعد تنظيمهم للإدارة، وتصبح اللجنة هي التي تتسلم الإغاثة وتتفق مع الأمم المتحدة، وهي من تحدد أماكن الحوجة وكيفية الوصول إليها، وتصبح مهمة المسلحين سواء كانوا جيش أو دعم سريع هي الحماية فقط، بجانب إيصال الإغاثة هنالك حوجة من المواطنين للصحة والتعليم والخدمات من كهرباء غيره هذا بالإضافة إلى دمار الخدمة المدنية فاخترحنا أن ننظم المواطنين لنبدأ ترميم الخدمة المدنية بتنظيم المعلمين والأطباء وعمال الكهرباء والمياه ليبدأوا في تقديم الخدمات للمواطنين ثم بعدها نرى الميزانية من أين تأتي سواء كانت من المجتمع الدولي أو الدول الصديقة وغيرها، وهذا جزء من الآليات التي تساعد المواطنين في ظل استمرار الحرب للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية.

*هذا الأمر بمثابة حكومة شعبية..؟
نعم حكومة شعبية لا تتبع لأي من الجيوش وتعمل من المجتمع وإليه بسبب عدم وجود حكومة.

*هل بدأتم حوارات لذلك..؟
نعم بدأنا وعندما كنت في الفاشر تحدثت إلى عدد من المنظمات والمعلمين وغيرهم و وجدت الفكرة قبول، و تحدثت إلى أطراف دولية بالشهر الماضي عندما التقيت بالسفير البريطاني والفرنسي والأمريكي، وعدد من الجهات على تواصل بالأمم المتحدة على أساس احتمالية أن لا تتوقف الحرب في السودان قريبآ وانتظار أن تتوقف حتى تقدم الخدمات فكرة غير سليمة، لدينا تجربتنا في السودان حروبات صغيرة مع حركات تستمر عشرات السنوات فما بالك بهذه الحرب الضخمة بين جيش منظم انقسم وبإمكانيات جيوش دول، للأسف يمكن أن تستمر الحرب لذلك يجب التركيز على سلامة وحياة المواطنين، إذا كان هنالك العشرات يموتون بنيران الحرب فهناك المئات يموتون بالأمراض لعدم وجود الأدوية.

*المجتمع الدولي كأنه أخلى مسؤوليته في جانب المساعدات الإنسانية والضغط على الطرفين لإيقاف الحرب..؟
المجتمع الدولي منقسم للأسف وليست هنالك استجابة قوية من مجلس الأمن بتهديد أطراف الحرب، كل الحديث عقوبات منفردة من بعض الدول، لكن إذا أتى المجتمع الدولي كله برسالة قوية يمكن أن تقف الحرب وتنتهي المأساة الإنسانية التي لم تحدث في العصر الحديث فالسلاح مازال يتدفق وكذلك التجنيد و التحشيد وكل طرف يعتقد أنه سيقضي على الآخر بقوة السلاح.

*هل هذا يعني عدم استطاعة المدنيين على إحداث اختراق بالضغط الدولي أو دبلوماسياً لإيقاف الحرب..؟

هنا تأتي أهمية المؤتمر التأسيسي حيث جاء في وقت حاسم ولحظة تاريخية فاصلة، ونجاح مؤتمر (تقدم) يمكن أن يصنع فرقاً والعمل الذي يلي المؤتمر سيحدد مستقبل السودان، إذا استطاع تثبيت نفسه كجسم شرعي يستطيع أن يتحدث بإسم الشعب السوداني بتوسيع الجبهة لإضافة الآخرين هذا الأمر يمكن أن ينقذ السودان ويذهب في إتجاه النهضة، إذا (تقدم) تقزّمت وأصبحت ليست لديها رؤية حقيقية، والرؤية الحقيقية هي التي اتفقنا حولها حالياً في المؤتمر وتترجم إلى العمل وبدأنا خطوات عملية في نزع الشرعية من أي جهة حاملة للسلاح، وحمل السلاح لايعني أنك الحكومة، ما الذي يجعل “الكيزان” في بورتسودان هم الحكومة!؟، بأية شرعية يصدرون أوامر قبض لشخصيات (تقدم) بقضايا تصل إلى الإعدام..!، أنا كعضو مجلس سيادة لم ارتكب أية جريمة وفقط قلت “الحرب لازم تقيف” “ما الذي يمنعني من أن أذهب إلى بورتسودان، وأهلل وأكبر وأصبح مستنفر واقتل ناس، لكن أنا ماعايز اقتل ناس” لقد بذلنا مجهوداً مع البرهان وحميدتي لأجل أن لا تندلع الحرب حتى يوم السبت كنا جلوساً إليهم.

*بذات ناحية إيقاف الحرب صدر تصريح مؤخراً لمالك عقار بأنهم لن يذهبوا إلى جدة، مارأيك..؟
هذا تصريح غير مسؤول وإن كان عقار لا يريد أن يذهب إلى جدة فاليخبر الشعب السوداني متى سيهزم الجيش الدعم السريع، عقار بذاته هرب من الحرب وذهب إلى بورتسودان هو وقيادته، أوجه رسالة إلى عقار أن يُخرج الدعم السريع من الخرطوم وإلى جبريل وإلى مناوي، الدعم السريع اخرجهم من الخرطوم وكان من الممكن أن يعتقلهم، يجلس في بورتسودان والشعب يتوسل إليه ليذهب إلى جدة ..ويقول لهم لن اذهب، إذن أخبر الشعب السوداني ماذا تريد أن تفعل، لذلك أنا أقول يجب أن تتمتع (تقدم) بالشجاعة الكافية، وتقول أنا أمثل الشعب السوداني، هنالك عملية سياسية جادة من خلالها سنحصل على وقف دائم لإطلاق النار وتشكيل حكومة.

*حكومة منفى..؟
ليست حكومة منفى، فأنا قادم من دارفور تحركت من هنالك قبل ثلاثة أشهر وقطعت الآف الكيلومترات ولم أخد إذن من الدعم السريع ولا من الجيش، هنالك فضاء موجود، ليس مهم المكان بل المهم نزع الشرعية والتقيت بعدد من المبعوثين وشرحت لهم نزع الشرعية وأخبرتهم أن الموجودين في بورتسودان مجموعة ليست لديها شرعية، وقد فقدت الحكومة شرعيتها في 25 أكتوبر 2021، أتت الحرب وحدث انهيار دستوري كامل في البلاد، واستحوذت الحركة الإسلامية على المشهد وفكرتها التقسيم وان تجد مكاناً تحكم منه، فإذا تم طردهم من بورتسودان سيذهبون إلى دنقلا، وإن تم طردهم من دنقلا سيذهبون إلى حلفا وهكذا وإن استدعى الأمر أن يكونوا خارج حدود البلاد فليست لديهم مشكلة طالما انهم يمثلون الحكومة، هؤلاء الجماعة لديهم أزمة سلطة، حكموا البلاد ثلاثين عاماً كان انجازهم تقسيم البلاد والفساد وتدمير مؤسسات الدولة، لايمكن أن نسكت وندع الحركة الإسلامية لتقسم البلاد، استمرار حكومة الحرب والأمر الواقع في بورتسودان يعني التقسيم، وغداً يشكل الدعم السريع حكومته في اراضي سيطرته، كل حركة لديها مناطق سيطرة وفي مناطق سيطرة حركتي لدي عالمي ولايمكن لأحد أن يمر بها دون إذني وكذلك عبد الواحد وعبد العزيز وبإمكان الكل تشكيل حكومة وتقسيم البلاد لذلك إن (تقدم) وبعد إجازة رؤيتها أحد أوجه الشرعية لتشكيل حكومة و سنتحدث مع جميع الدول وان لايمثل البرهان السودان في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشهر سبتمبر القادم، لابد أن يذهب حمدوك ويمثل السودان وبدأنا العمل في ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *