في تطور يُعيد الأمل إلى آلاف السودانيين الباحثين عن فرص عمل خارج البلاد، شرعت سفارة المملكة العربية السعودية في مدينة بورتسودان باستئناف إجراءات توثيق عقود العمل، بعد توقف دام أكثر من عامين نتيجة الحرب الدائرة في السودان. هذه الخطوة جاءت لتخفيف المعاناة عن المواطنين الذين اضطروا خلال الفترة الماضية إلى السفر إلى مدن خارجية مثل كمبالا وأسمرا، من أجل استكمال إجراءات تفويض الإقامة، في ظل غياب الخدمات القنصلية داخل البلاد.
وبحسب ما نقلته وكالات سفر محلية لصحيفة “التغيير”، فإن عملية التوثيق ستبدأ بشكل تدريجي، حيث سيتم تخصيص ثلاثة جوازات سفر لكل وكالة في المرحلة الأولى، على أن يتم رفع هذا العدد لاحقاً وفقاً لتطورات العمل والقدرة الاستيعابية. هذا الإجراء يُعدّ بمثابة انفراجة أولية في مسار استعادة الخدمات القنصلية التي تعطلت بفعل النزاع المسلح، والذي ألحق أضراراً جسيمة بسوق العمل المحلي، وأدى إلى توقف آلاف المشاريع والأنشطة الإنتاجية، ما دفع شريحة واسعة من المواطنين إلى البحث عن بدائل خارجية لتأمين مصادر دخل.
وكانت السفارة السعودية قد بادرت قبل عدة أشهر إلى استئناف إصدار تأشيرات الزيارة العائلية من داخل بورتسودان، بعد توقف طويل تجاوز العامين أيضاً. وتم ذلك من خلال افتتاح مركز معتمد للبصمة الحيوية واستقبال الطلبات مباشرة داخل المدينة، ما أتاح للأسر السودانية تقديم طلباتهم دون الحاجة إلى السفر إلى دول مجاورة، وهو ما اعتُبر خطوة مهمة خففت من الأعباء المادية واللوجستية التي كانت تثقل كاهل المواطنين في ظل الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة.
وتشير الإحصاءات شبه الرسمية، بما في ذلك بيانات صادرة عن بنك السعودية المركزي وصحيفة “Gulf News”، إلى أن عدد السودانيين المقيمين في المملكة العربية السعودية يبلغ نحو 819,000 شخص، وفقاً لتعداد عام 2022 الذي قدّر العدد بدقة عند 819,600. ويُعدّ هذا الرقم من بين الأعلى مقارنةً بالجاليات العربية والأفريقية الأخرى المقيمة في المملكة، ما يعكس حجم الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين، ويبرز أهمية استئناف الخدمات القنصلية في دعم هذه الجالية الكبيرة.