قرار ابادة بطاطس بالولاية الشمالية تثير جدلا فى الاوساط السودانية

قرار ابادة بطاطس بالولاية الشمالية تثير جدلا فى الاوساط السودانية

شهدت مدينة وادي حلفا في الولاية الشمالية جدلاً واسعاً عقب تنفيذ السلطات المحلية قراراً بإبادة شحنة بطاطس مستوردة من مصر، وذلك على خلفية تجاوز الكمية المسموح بها وفقاً للوائح الاستيراد المعتمدة. هذا الإجراء أثار استياءاً بين المواطنين والمتطوعين في غرف الطوارئ، الذين اعتبروا أن الشحنة كان من الممكن أن تُخصص للمطابخ الجماعية التي تقدم الدعم الغذائي للمتأثرين بالحرب، بدلاً من إتلافها.

وكانت الشحنة قد وصلت إلى المدينة مطلع سبتمبر 2025، حيث أوقفتها الجهات المختصة بعد ساعات من دخولها، وأصدرت قراراً بإبادتها بدعوى مخالفة التاجر المستورد للضوابط التي تحدد سقف الكميات المسموح بها. ووفقاً لما أفادت به إحدى العاملات في غرفة الطوارئ بوادي حلفا لموقع “الترا سودان”، فإن السلطات لجأت إلى حرق الشحنة بعد أن اعتبرت أن التاجر تجاوز الحد المسموح به في الاستيراد، وهو ما اعتُبر مخالفة صريحة للقرارات التنظيمية الصادرة عن وزارة الزراعة في الولاية.

من جهتها، عبّرت إحدى المتطوعات في غرفة الطوارئ عن رفضها لطريقة التعامل مع الشحنة، مشيرة إلى أن البطاطس كان يمكن أن تُوزع على مراكز إيواء النازحين، خاصة في ظل الظروف الإنسانية الحرجة التي تمر بها المنطقة، بدلاً من إبادتها بحجة تطبيق القانون. وأضافت أن السلطات الحكومية في الولاية كانت قد أصدرت قراراً يقضي بوقف استيراد كميات كبيرة من الخضروات، بهدف حماية الإنتاج المحلي والحد من التهريب والمضاربة في الأسواق.

وبحسب إفادات العاملين في المجال الإنساني، فقد قامت السلطات بتفريغ الشاحنة من صناديق البطاطس ونقلها إلى منطقة نائية، حيث تم تنفيذ عملية الإبادة والدفن، وهو ما أثار موجة من الغضب بين المواطنين والمتطوعين الذين رأوا في القرار تجاهلاً لاحتياجات النازحين في ظل الأزمة المستمرة.

وتعتمد الولاية الشمالية بشكل كبير على استيراد الخضروات من مصر عبر الطريق البري، في وقت يشهد فيه الإنتاج المحلي تراجعاً ملحوظاً نتيجة ارتفاع تكاليف الزراعة وعدم استقرار التيار الكهربائي الذي يغذي ماكينات سحب المياه من النيل. هذا الوضع دفع التجار إلى الاعتماد على الواردات لتلبية الطلب المحلي، في ظل غياب الدعم الحكومي الكافي للقطاع الزراعي.

ويواجه قطاع الزراعة في الولاية انتقادات متزايدة من قبل المزارعين، الذين يحمّلون وزارة الزراعة مسؤولية استمرار أزمة الكهرباء لأكثر من خمسة أشهر، وهي فترة تكبد خلالها المنتجون المحليون خسائر مالية كبيرة تجاوزت ملايين الجنيهات، نتيجة توقف عمليات الري والإنتاج.

وتُظهر المشاهد على جانبي النيل شمال البلاد آلاف الأفدنة الزراعية التي خرجت من دائرة النشاط، بسبب تراجع الدعم الحكومي وتوقف التمويل المخصص للإنتاج المحلي، في وقت يعتمد فيه السكان على الخضروات المستوردة من مصر لتلبية احتياجاتهم اليومية. وفي ظل هذا التراجع، تحولت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية إلى مناطق تعدين للذهب، وسط حالة من الاستياء الشعبي بسبب استخدام مادة السيانيد في عمليات الاستخلاص، وما تسببه من أضرار بيئية وصحية.

وخلال الفترة التي سبقت اندلاع الحرب، أفاد عدد من التجار العاملين في قطاع الخضروات بأن السوق السوداني شهد وفرة كبيرة في المعروض، خاصة من البطاطس، ما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ. إلا أن النزاع المسلح الذي دخل شهره السابع والعشرين قضى على آمال المنتجين المحليين في استعادة نشاطهم، وأعاد ترتيب أولويات السوق في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية المتدهورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *