سودانيون في يوغندا.. الحل في الفّن

سودانيون في يوغندا.. الحل في الفّن

كمبالا : أحمد خليل 

رغم الوقت العصيب الذي يعيشه السودانيون وكآبة مشهد استمرار الحرب، استطاع فنانون سودانيون، أن يخبروا العالم بلغة الفن عن جمال بلدهم الجريح، وعكس جانب مشرق ومسالم ليعلوا فوق العنف والاقتتال وخطاب الكراهية.

“سودان تايمز” كانت في قلب الحدث وشاركت بتغطية معرض لأربعة فنانين سودانيين في كمبالا، برعاية مركز “جيتي_  degrees east32” اليوغندية الذي قدم لهم منحة لثلاثة أشهر..

استخراج الفن 

حمزة تيراب فنان تشكيلي ومتعاون مساعد تدريس بجامعة النيلين، ومقيم في يوغندا بمنحة المركز، قال إنه في المعرض بمعية أربعة أشخاص ثلاثة منهم تشكيليين والآخر مصور، وأوضح أن هذا هو اليوم للإستديو المفتوح.. و تحدث خلال المعرض الذي أقاموه، عن الثقافة السودانية وفي ذات الوقت عمل على عكس ما يحدث في السودان من حرب.

ونوه تيراب إلى أنه عمل بالمعرض على ثلاث مدارس تشكيلية وهي “التكعيبية.. التجريدية.. الواقعية” ومن خلال الرسم التوضيحي في المعرض نادى بالسلام وما يحدث في السودان، وأضاف: يوجد جانب في المعرض للمنتجات الجلدية التي تعبر عن الثقافة السودانية وعن السلام، ورأى  أن الفن موجود بالفطرة في كل إنسان وتبقى طريقة استخراجه تختلف من شخص لآخر بحسب نوعه سواء كان موسيقى أو رقص أو رسم.. و”أنا حاليآ استخرج الفن الذي بداخلي” .

مشاهد النزوح 

الفنان التشكيلي نصر الدين الدومة، قال إنه أقام أكثر من “150” معرض بيّد أن هذا المعرض أتى بظرف خاص وهو نزوحه من مكان لآخر حتى وصوله إلى كمبالا، لافتاً إلى أن المعرض هو تسجيل لهذه الرحلة بمشاهدها، بدءاً من السودان ثم إثيوبيا ويوغندا واعتمد على المشاهد اليومية في الأماكن الغريبة عليه من طريقة الألوان وزي السكان وتعبيرهم وتعاملهم في السوق وأعمالهم اليومية والعادات والتقاليد.وأردف: يمكن أن تكون هنالك معارض أخرى في الفترة القادمة.

بشئ من الحنين استذكر الدومة جلساته في الخرطوم المكتوية  بنار الحرب وقال : كنت أجلس في معهد “جوتا” والمركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم في أجواء متكاملة فهي ليست منتديات بل مؤسسة خدمت الفن السوداني بالمعارض التشكيلية والورش من مجلات الفكر والفن التي كانت تأتينا من أوربا في وقت لم يكن فيه إنترنت ولا مراجع للفنون.

تجربة غريبة 

من جانبه تحدث محمد تاج موسى المصور الفوتوغرافي والمنتج عن المعرض قائلا”: هذا هو المعرض الأول لي في يوغندا، فالمعرض السابق كان بالمملكة العربية السعودية.. جدة كمشارك من السودان والمعرض الذي قبله كان في السودان بالمركز البريطاني.

وأوضح موسى أن الموضوع الأساسي بهذا المعرض يعود إلى السودان والثورة وما قبل الحرب وما عاشه السودان من أحداث متقلبة سياسية واجتماعية، أدت إلى أسوأ الأحداث في تاريخ السودان، متمنياً أن تنتهي قريباً وأن يستطيع الجميع تحكيم صوت العقل، وأخذ خطوة للإمام بشكل جاد حتى يعود السودان لوضعه الطبيعي، وتابع:  اذا واصلنا في طريق الحرب لا أظن اننا سنجد سودان بالقريب.

ووصف موسى تجربة الصحافة المرئية في السودان مابعد الحرب بالغريبة لأنها تجربة جديدة عليهم، وكيفية التعامل مع المؤسسات والقنوات الفضائية ومع مكاتب الوكالات لكي تستطيع نشر الأخبار عن أوضاع السودان المتقلبة، وحتى أن العمل من داخل السودان أصبح مهمة صعبة وتعرض الحياة للخطر أياً كان الطرف الذي وقع بيده وهذا ماجعل الصحافة المرئية تتراجع بالسودان.

بعث رسائل 

تنزيل عبد الله آدم فنانة جداريات وناشط فني قدمت إلى كمبالا قبل أربعة أشهر، وفي هذه الفترة كانت تحت إقامة فنية تتبع لمركز جيتي وهو مركز فني في كمبالا حيث وجدت فرصة ومع ثلاثة فنانين سودانيين.

وأبانت تنزيل أنهم بدأوا في قناة فنية منذ نهاية يناير الماضي وفي هذه الفترة تعرفوا على خامات جديدة للعمل الفني، مشيرةً إلى أن الإقامة كانت براح وفي وقت مناسب خاصة وأنهم قادمون من الحرب ليحكوا قصصهم في بلادهم التي تعاني من الوضع السيئ.

وأضافت: الإقامة الفنية هي تقديم دعم صغير كل فترة طويلة بالجانب الذي تبدع به وتوفير المواد التي تحتاج لها لصنع مادة فنية، وفي ذات الوقت يعملون على تشبيكنا بالمجتمع الفني في كمبالا بحكم أننا غرباء، وفي مجمل الإقامة تقدم زيارات لاستوديوهات وفنانين وزوار من مختلف نواحي يوغندا وكذلك يأتون من كينيا.

وأردفت: نحن ننتج أعمالاً نحكي من خلالها قصصنا وفي ذات الوقت دخلنا على المجتمع الفني في يوغندا، واستطعنا أن نكون شبكة معارف هنا بيوغندا وفتحت لنا فرصاً أخرى. ولفتت تنزيل إلى أنها كانت تعمل في السودان بفن الجداريات وفي منظمة “الحل في الفن”، منوهةً إلى أنه تم تكوين  المنظمة أثناء الثورة من فنانين يمثلون مختلف مناطق السودان، ومن خلال شعار المنظمة أردوا أن يقولوا أن الفن هو اللغة المشتركة بين جميع الشعوب، ويستطيع إيصال رسائل لمختلف اللغات بأبسط الصور، وتابعت: كنا نرسم جداريات في الكباري والأنفاق والأماكن العامة والمدارس وكنا نوثق للشهداء والضحايا بمختلف الثورات وبمختلف القضايا، في يوغندا غير مسموح بالرسم في الأماكن العامة خلاف السودان حيث بعد الثورة سُمح لنا بذلك وهذه هي الحرية التي وجدناها كفنانين. حاليآ أنا أعمل بالخيوط والكروشيه لكنني في الأصل فنانة جداريات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *