وقائع يوم طويل.. (بين جدلية الموت والحياة)..!
أديس ابابا : احمد خليل
تترقب الأنظار هنا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الصحفيين السودانيين، بعد أن وصلها قائد الدعم السريع عائدا من كمبالا، حيث أثار ظهوره اهتماما بالغا انقسم على إثره السودانيين بين مصدق ومكذب خاصة ،و أن هنالك اشاعة ذهبت إلى تأكيدات من قبل العديد من المواقع الإخبارية عن موت الرجل منذ الشهر الثاني للحرب، ما أحدث اهتماما بالغا بلقاء محتمل مع الإعلاميين، خاصة بعد ما تسرب نبأ وصول قيادات تنسيقية القوى المدنية و الديمقراطية (تقدم) الى أديس.. ومع الصباح الباكر من يوم الاثنين بدأت الوفود في الوصول الى العاصمة أديس ابابا حيث يصادف الأول من يناير ذكرى أكثر خصوصية للسودانيين، لكن عاصمة بلاهم نامت باكرا عكس بقية المدن التي إحتفلت بانتهاء العام 2023 ،وهو من أسوأ ا لأعوام عند السودانيين .
ونعود الى شهر أبريل شهر الثورات، غير أنه سجل هذه المرة و بالضبط صباح الخامس عشر من ابريل نشوب حرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.. قبل ذلك اليوم عندما كان الثوار يطالبون بحل الدعم السريع كان قائد الجيش يقول أن هذه القوات ولدت من رحم القوات المسلحة ..! كل الذين كانوا يقفون في صف الدعم السريع تغيرت مواقفهم 360 درجة صديق الأمس تحول الى عدو.. ! و مابين المواقف جرت مياه تحت جسر ” البلابسة” ومعسكر ” لا للحرب ” الذين تعرضوا إلى حملات تخويف وتخوين ،خاصة إذا كان موقفك ” لازم تقيف” .. فقد أصبح الصوت العالي هو صوت دعاة الحرب ولا يدرون أنها تعني الدمار والقتل والاغتصاب.. شاهدنا كيف انتهكت حقوق الإنسان في الحياة وكيف تم تشريد الألآف من منازلهم في أقل من 60 يوم تم تدمير منشآت يعود تاريخ إنشاؤها لمئة سنة ، ومازالت تلك المنشآت، تواجه القصف والدمار لذا يقول الناس إنها الحرب وقد ألقت بظلالها على الشعب السوداني، وخرج الناس يبحثون عن الأمن في الولايات القريبة من العاصمة، وظهر تجار الأزمات قطاع النقل استغل حوجة الناس للتنقل الى مناطق آمنة .. والكل يصرخ تحت أزيز الرصاص والطلعات الجوية في مدينة لم تكن تتهيأ لمثل هذه الحرب.. لا صفرات إنذار لا ملاجيء ، وبدت رحلة النزوح والقنوات تصرخ والعواجل تملأ الشاشات والمحللون يحاولون قراءة إلى أين تتجه الحرب ..؟ .. لا اعرف من أين أتت ونبتت فكرة أن الحرب مدتها أسبوعا.. خرج المواطنون من منازلهم على أمل الرجوع قريبا، والكل يمني النفس بالعودة ولا يدرون أنها رحلة الى المجهول .
صدم الناس أمام الإنتهازية وسمسارة الحرب والجشعيين وتجار الحروب .. الشقق التى كانت لاتجد من يسكن فيها إرتفعت أسعارها الى المليارات في يوم وليلة.
واشتغلت تلك النظرية .. نظرية السوق ” العرض والطلب”.. وهنا ظهرت للعيان أن السودان كان عبارة عن الخرطوم..!!
توقفت أغلبية الصناعات التحويلية ، صناعة المنظفات والزيوت والمشروبات الغازية ومطاحن الدقيق ،التجارة والنشاط الاقتصادي لا يتوقف في أي ظرف ” الحرب أو السلم”
حيث تشير تقارير دولية إلى مقتل ما لا يقل عن 12 ألف سوداني وجرح الآلاف ونزوح نحو 5 ملايين آخرين بسبب القتال الدائر منذ منتصف أبريل الماضي في العاصمة الخرطوم ودارفور وشمال كردفان ، حيث تمددت خلال الأسبوعين الأخيرين إلى ولايتي الجزيرة وسنار وسط البلاد.
وأفادت منظمة الهجرة الدولية في تقرير – تزامن إصداره مع اجتياح قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة في 18 ديسمبر بأن قرابة 300 ألف شخص هربوا من المواجهات في الولاية التي تؤوي آلاف الفارين من معارك الخرطوم.
نعود الى العاصمة الاثيوبية التى احتضنت اجتماعات القوى المدنية الى أن توجت في نهاية اكتوبر باعلانها رسميا وانتخاب قيادتها، حيث شرعت بوضع الهيكلة وتوزيع المهام، وسرعان ما تلقفت خارطة الطريق التى اقترحتها قوى الحرية والتغيير حيث وجدت القبول وخضعت للنقاش والتعديل ومن ثم تم تبنيها.. ولأن قطار العملية السلمية قد بدأ و القوى المدنية عازمة على وقف الحرب رغم تجريمها ومحاولة ارهابها لعدم المضي قدما في العملية السلمية من قبل معسكر دعاة الحرب (البلابسة ) ، وعبر منصة ( اكس) غرد رئيس التنسيقية الدكتور عبد الله حمدوك نيابة عن القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، مؤكدا توجيه رسالتين خطيتين إلى الفريق اول عبدالفتاح البرهان قائد القوات المسلحة والفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ، طالبا منهما اللقاء عاجلا بغرض التشاور حول السبل الكفيلة بوقف الحرب التى قتلت وشردت السودانيين، ودمرت البنى التحتية، ويهدد استمرارها بقاء الوطن.
في الوقت الذي لم تحسم قيادة الجيش موقفها، أعلن قائد الدعم السريع عبر صفحته في منصة(ااكس) قائلا : تلقيت خطابًا من رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ( تقدم،) دكتور عبدالله حمدوك ، دعانا من خلاله لاجتماع عاجل لمناقشة قضايا وقف الحرب ومعالجة آثارها.. وأضاف ” أؤكد ترحيبي التام بعقد هذا اللقاء فورًا ، وسنشرع مباشرة في نقاش ترتيبات الاجتماع،، فنحن نمد أيادينا مرحبين بكل جهد وطني يجلب السلام وينهي المعاناة التي خلفتها الحرب.
وخلف هذه التغريدة كان اللقاء الذي جمع القوى المدنية بقائد الدعم السريع في مكان اختير بعناية..
وتبادل الزملا- الصحفيون قبل الأول من يناير ، المعلومات عن كيفية اللقاء ما بين القوى المدنية والمستشار الاعلامي لقائد الدعم السريع … أكثر من (100) اتصال ومكالمة وقبل اللقاء بيوم تناقلت الفضائيات سفر قائد الدعم السريع الى جيبوتي ولقاء رئيسها.. هنا تسرب اليأس الى البعض لكنه تجدد بالظفر بلقاء حميدتي بعد الاعلان عن عودته الى العاصمة الاثيوبية اديس..
في أقل من 24 ساعة انتظم الصحفيين في قاعة متحف العلوم وسط العاصمة الاثيوبية اديس ابابا..
وانطلق برامج اليوم منذ الساعة العاشرة صباحا الى الثانية بعد منتصف الليل حيث كانت البداية في فندق “رديسون بلو” حيث اجتماع القوى المدنية وانتقال الاجتماع الى فندق ” شيراتون”. وقبل وصولنا الى الفندق رن هاتفي وأبلغت بمكان الاجتماع متحف العلوم الساعة السابعة مساء الجلسة الافتتاحية .. وصلنا في نفس الزمن على امل اللقاء والدقائق تمضي ببطء يظهر قائد الدعم السريع وسرعان ما بدد كل الأسئلة للوهلة الأولى وانتهت جدلية (حي أو ميت).