جولات البرهان الخارجية .. هل تثمر نتائج إيجابية بمنبر جدة ..؟

جولات البرهان الخارجية .. هل تثمر نتائج إيجابية بمنبر جدة ..؟

الخرطوم – سودان تايمز

في شهر سبتمبر الماضي، وبعد أربعة شهور ونصف من إندلاع حرب أبريل المدمرة خرج قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان من مباني القيادة العامة، أو ما عرف عند عامة الشعب ب (البدروم) وبعد خروجه اختار البرهان أن تكون أول زيارة خارجية له إلى مصر، وبعدها استمرت زيارات البرهان الخارجية لعدد من البلدان، غير أن زيارته الأخيرة لكل من السعودية وكينيا نظر لها المهتمين بشكل مختلف ربما لعلاقة الزيارتين بمنبر جده التفاوضي.

وفي إطار جولاته الخارجية وصل البرهان إلى كينيا أمس الأول (الاثنين) بناء على دعوة من الرئيس الكيني وليم روتو الذي استقبل ضيفه في القصر الرئاسي، وقال بيان صادر عن مجلس السيادة تحصلت (سودان تايمز) عليه إن الخرطوم ونيروبي (اتفقا على عقد قمة طارئة لرؤساء الإيقاد في إطار مساعٍ وقف إطلاق النار ووضع أسس لحوار سوداني لا يستثنى أحدا).

وأشار بيان مجلس السيادة إلى أن الرئيسين البرهان وروتو تطرقا إلى مبادرات السلام، بما في ذلك منبر جدة ومبادرة الإيقاد، وشددا على الحاجة العاجلة لإيجاد حلول لأزمة السودان في أقرب وقت ممكن، واتفق الطرفان بحسب البيان على ضرورة تسريع العملية التفاوضية في منبر جده للوصول إلى وقف إطلاق النار ووقف العدائيات.

وأفاد البيان إن البرهان أطلع وليم روتو على تطورات ومجريات الأوضاع في السودان، على ضوء تمرد قوات الدعم السريع ضد المواطنين والأعيان المدنية وارتكابها جرائم جسيمة في حق المدنيين، ورافق البرهان في زيارته كل من وزير الخارجية المكلف علي الصادق ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، كما ظهر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بين مرافقي البرهان.

ومنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل الماضي ظلت قيادة الجيش السوداني تتهم كينيا بعدم الحياد تجاه الحرب التي تدور بينه وقوات الدعم السريع، فيما ظل بعض النافذون في الحكومة السودانية يقولون إن الرئيس الكيني وليم روتو منحاز للدعم السريع وتربطه مصالح اقتصادية وعلاقات شخصية مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وهو الأمر الذي دفع السودان لمعارضة رئاسة كينيا للآلية الرباعية التي كونتها الايقاد لحل الأزمة في السودان.

وفي العاشر من نوفمبر الجاري شارك البرهان في القمة السعودية الأفريقية، ووجه صوت لوم لدول في المحيطين الإقليمي والدولي قال إنها تساند قوات الدعم السريع وتساوي بين تمردها ومؤسسات الدولة، وأحصى البرهان في كلمته أمام القمة (الجمعة) ثماني دول قال إن قيادة الدعم السريع استعانوا بمرتزقة منها شملت (ليبيا وسوريا واليمن وجنوب السودان وتشاد ومالي والنيجر وأفريقيا الوسطى) بجانب دول أخري من العالم.

وعقد البرهان على هامش القمة السعودية الأفريقية اجتماعا ثنائيا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أكد خلاله الالتزام بمنبر جدة التفاوضي ونوه إلى عدم التزام الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين وفقا لإعلان جدة الموقع في 11 مايو الماضي، وأثنى البرهان على حرص السعودية المستمر تجاه أمن السودان فضلا عن الولايات المتحدة والإيقاد وجوار السودان وكل من قدم مبادرة لإيقاف الحرب.

وفي السياق يرى الدكتور بشير الشريف أستاذ العلوم السياسية بجامعة امدرمان الإسلامية ان استراتيجية الجيش منذ البداية كانت تهدف إلى كسب معركة الميدان ضد الدعم السريع، ومن ثم إجبار القوى الإقليمية والدولية على شروطه، وأضاف قائلاً (لذلك تلاحظ ان ناطقي الجيش وقادته استخدموا لغة خشنة مع هذه القوى لدرجة بعيدة في استعادة لخطاب الاسلاميين الذي يفتقر لادبيات التعامل الدولي) وتابع (تم ذلك في نفس الوقت الذي تمدد فيه الدعم السريع أمام القوى الإقليمية والدولية بخطاب هادئ ومرتب فكسب به معركة الدبلوماسية).

وبالنسبة لدكتور بشير فإن البرهان حتى الآن يخسر معركة الميدان، وفي نفس التوقيت تضغط القوى الإقليمية والدولية نحو حل، وبحسب الدكتور بشير فإن البرهان الخاسر للقوى الإقليمية يريد استعادتها بعد أن اعجزه الدعم السريع في الميدان على نصر يتيم، لذلك هو يحاول إعادة التفاهم مع هذه القوى التي وحدت جهودها في منبر تفاوضي واحد لايقبل المساومة التي لم ينجح تكتيك الاسلاميين في اختراقه.

وينظر الدكتور بشير إلى جولات البرهان الخارجية في سياق أنه يريد أن يلحق بما تواضعت عليه القوى الإقليمية والدولية كحل للازمة المتطاولة، والتي يبدو أن سقف استمرارها بات مزعجا بالنظر إلى أوضاع المدنيين وحجم الانتهاكات، وقال الدكتور بشير انه لا يتفق مع الاراء التي تفسر هذه الزيارات بأن البرهان يسعى لاكساب جيشه شرعية حكومية.

ويرى الدكتور بشير أن القوى الكبرى تدرك جيدا أن البرهان هو ممثل الجيش الموسوم بجيش الاسلاميين ثم انهم يدركون حقائق الميدان، وبالنسبة لدكتور بشير أن الدعم السريع اثبت انه قوى اكبر من مجرد مليشيا او تمرد وهو اليوم يمتلك زمام المبادرة على الارض بنحو جعل هذه القوى تصفه على انه جيش موازي.

وفي سبتمبر الماضي أفاد الرئيس الكيني وليم روتو إن البرهان تراجع عن اتهام كينيا بالانحياز إلى طرف في الصراع وانه مستعد لانخراط منظمة إيقاد مع آخرين بما في ذلك مصر ودول الجوار والسعودية وأميركا للتنسيق بين كل هذه المبادرات للوصول إلى حل.

وبعد أن توصلت مفاوضات جدة في جولتها الثانية لاتفاقات حول الملف الإنساني وإجراءات لبناء الثقة من ضمن بنودها خفض التصعيد الإعلامي والقبض على الهاربين من السجون، توقع بعض المراقبين أن تشهد الجولة الثالثة لمفاوضات جدة تقدم في المفاوضات وربما التوصل لاتفاق حول وقف إطلاق النار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *