على بياض
عاصم اسماعيل
تغيير العملة
شهد السودان في عام 1989 ارتفاعات كبيرة في السوق الموازية حيث وصلت قيمة الدولار الي (12) جنيها وفي العام 1991 بلغ الدولار (132) جنيها في السوق الموازية وحاولت الحكومة امتصاص السيولة خارج النظام المصرفي فطرحت عملة جديدة هي (الدينار ) بقيمة (10) جنيهات، وبعد اتفاقية سلام نفاشا وفي اطار تنفيذ بروتوكول قسمة الثروة مع جنوب السودان نص البروتوكول علي تغير العملة وفق موجهات تراعي الوحدة والتنوع الثقافي ،وقامت الحكومة بإصدار الجنيه من جديد وجعلت قيمته تساوي (100دينار ) ووصل وقتها الدولار في السوق الموازي (2) جنيه واستقر الوضع حتي عام 2009 وبعدها بدا الجنية بالانخفاض في قمتيه امام الدولار الي 6 جنيهات بعد الانفصال ثم تابع في الانهيار ،ورغم الخطوات التي اتخذتها الحكومة السابقة وقتها الا انه لم يشهد استقرارا حتي تجاوز في ابريل المنصرم 2020 الى حد 150 جنيها دون تجاوب كاف مع الازمة ولكن الجنيه واصل انخفاضه بعد الحملات التي شنتها الحكومة على تجار سوق الذهب فارتفع الدولار فجأة وبلا مقدمات الى 270 جنيه بين يوم وليلية ما دعا الحكومة الي اعلان حالة الطوارئ لمحاربة المضاربين وفقا للقانون او بالأحرى تفعيل القوانين وتعديل بعضها لتتواءم مع مقتضيات المرحلة. ولكن السؤال الذى ينغي ان تجاوب عليه الحكومة هو ثم ماذا بعد اعلان الطوارئ الاقتصادية !! لابد من حلول جذرية لهذه المعضلة.
احد هذه الحلول براي كثيرين ورغم تكلفتها الكبيرة الا وانها تبقى مطروحة للنقاش حتى الان دون ان تبدي فيها الجهات المختصة الراي وهى مسالة تغيير العملة حتى تتمكن من معرفة الخلل وجذب الجنيه الى داخل البنوك بدلا عن أيدى التجار المضاربين والامر الثاني هو محاربة الاقتصاد الموازي ووقف عمليات التهريب، هذه كلها بدائل واطروحات ولكن تبقى المسالة بيد الحكومة التي اعلنت الطوارئ لتخفيف حدة الازمة الاقتصادية التي تسبب في انخفاض قيمة الجنيه السوداني .
الحلول الامنية في التعامل مع القضايا الاقتصادية لم تثمر مالم تتبعها سياسات اخرى تكون عونا لها خاصة وقد تم تجريبها في سنوات مضت فلابد للحكومة التفكير مليا في مسالة الخروج من نفق هذا النفق الذي ربما يلوي يدها في مقبل الايام ولا اعتقد ايضا ان تغيير العملة بلا خطة واضحة ومدروسة واستراتيجية بعيدة المدي قد ينفعها والمواطن معا.