ترحيل النساء الى جنوب السودان .. ردود فعل واسعة

ترحيل النساء الى جنوب السودان .. ردود فعل واسعة

أعلنت السلطات المحلية في مقاطعة الرنك بولاية أعالي النيل بجنوب السودان أن السلطات السودانية قامت بترحيل 106 من النساء الجنوب سودانيات من ولاية الخرطوم إلى منطقة وانطو الحدودية، في عملية وصفت بأنها تمت بالإكراه وعلى متن حافلات سياحية. وأوضحت السلطات أن من بين المرحّلات 61 امرأة تركن أطفالهن في الخرطوم، ما أثار قلقًا واسعًا بشأن مصير هؤلاء الأطفال الذين ظلوا دون ذويهم في العاصمة السودانية. هذه الخطوة أثارت ردود فعل رسمية وشعبية في جنوب السودان، وسط مطالبات متزايدة بضرورة احترام الحقوق الإنسانية للمواطنين الجنوب سودانيين المقيمين في السودان، خاصة في ظل الظروف الأمنية والإنسانية المعقدة التي تمر بها البلاد.

زيارة ميدانية

ديينق دينق لويث، محافظ مقاطعة الرنك، أكد في تصريحات صحافية أدلى بها عقب زيارته لمنطقة وانطو الحدودية، أن الهدف من الزيارة كان الوقوف على أوضاع المرحّلات والتأكد من سلامتهن، إلى جانب محاولة معرفة مصير الأطفال الذين ما زالوا في الخرطوم. وأشار إلى أن السلطات السودانية قامت باقتياد النساء من الشوارع والمنازل إلى مراكز احتجاز مؤقتة، قبل أن يتم ترحيلهن إلى الحدود في ظروف إنسانية صعبة. المحافظ شدد على ضرورة احترام كرامة الإنسان، مطالبًا السلطات السودانية بالتعامل مع المواطنين الجنوب سودانيين وفقًا للمعايير الدولية، خاصة أن العديد من النساء المرحّلات تركن أطفالهن دون أي معلومات عن وضعهم أو مكان وجودهم.

إجراءات عاجلة

في إطار الاستجابة الفورية، وجّه محافظ الرنك بحجز الحافلات التي استخدمت في عملية الترحيل، إلى حين التأكد من إعادة الأطفال الذين ما زالوا في الخرطوم إلى ذويهم. كما أشار إلى أن بعض المنظمات الإنسانية قدمت مساعدات طارئة للنساء المرحّلات، في محاولة للتخفيف من آثار الوضع الذي وجدن أنفسهن فيه. المحافظ أوضح أنه أصدر تعليمات بترحيل النساء إلى مدينة الرنك وتوفير مراكز انتظار مناسبة لتوفيق أوضاعهن، مؤكدًا أن الحكومة المحلية ستتابع القضية عن كثب لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، ولتأمين عودة آمنة وكريمة للمواطنين الجنوب سودانيين إلى وطنهم.

مطالبات رسمية

محافظ الرنك دعا حكومة ولاية أعالي النيل والحكومة القومية في جنوب السودان إلى الضغط على السلطات السودانية لضمان حسن معاملة المواطنين الجنوب سودانيين المقيمين في السودان، وترتيب إجراءات ترحيلهم بشكل منظم يحترم كرامتهم وحقوقهم الإنسانية. كما حمّل حكومة ولاية الخرطوم مسؤولية الأطفال الذين تُركوا دون ذويهم، معتبرًا ذلك انتهاكًا واضحًا للأعراف الإنسانية. هذه التصريحات جاءت في وقت تتزايد فيه الدعوات لتفعيل التنسيق بين البلدين بشأن ملف الترحيل، بما يضمن سلامة الأسر وعدم تفككها نتيجة الإجراءات الأمنية غير المنسقة.

قلق مدني

من جانبها، عبّرت منظمات المجتمع المدني في ولاية أعالي النيل عن قلقها البالغ إزاء ما وصفته بالإبعاد القسري للنساء الجنوب سودانيات من السودان، مشيرة إلى أن ما يحدث في الخرطوم يمثل مصدر قلق حقيقي للمنظمات الحقوقية والإنسانية. سولانا جرمايا، رئيس منظمات المجتمع المدني في الولاية، قال في تصريحات لراديو تمازج إن الوضع الراهن يتطلب تدخلًا عاجلًا من حكومتي السودان وجنوب السودان لتنسيق جهود الترحيل، مع التأكيد على ضرورة احترام كرامة الإنسان وفقًا لما تنص عليه المواثيق الدولية. كما ناشد السلطات السودانية بالسماح للأمهات بالعودة إلى الخرطوم من أجل اصطحاب أطفالهن والعودة بهم إلى جنوب السودان، مؤكدًا أن الفصل بين الأمهات وأطفالهن يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية.

شهادات نسائية

عدد من النساء الجنوب سودانيات اللواتي تم ترحيلهن من الخرطوم أدلين بشهادات لراديو تمازج، تحدثن فيها عن ملابسات إبعادهن من العاصمة السودانية، مشيرات إلى أن العملية تمت بشكل مفاجئ ودون أي ترتيبات مسبقة. النساء وصفن التجربة بأنها مؤلمة، خاصة أنهن تركن خلفهن أطفالًا دون رعاية أو حماية، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني ويطرح تساؤلات حول آليات التعامل مع المواطنين الأجانب في السودان خلال فترات النزاع. هذه الشهادات تضيف بعدًا إنسانيًا عميقًا للقضية، وتدفع باتجاه ضرورة مراجعة السياسات الأمنية والإدارية المتعلقة بترحيل الأفراد، بما يضمن احترام الحقوق الأساسية وعدم المساس بالروابط الأسرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *