الفاشر .. خسائر بشرية اثر استهداف مسيرة الدعم السريع للمصلين

الفاشر .. خسائر بشرية اثر استهداف مسيرة الدعم السريع للمصلين

في حادثة وصفت بأنها من أكثر الوقائع دموية منذ اندلاع النزاع في مدينة الفاشر، أفادت مصادر محلية بأن طائرة مسيّرة استهدفت مسجدًا أثناء أداء صلاة الفجر فجر الجمعة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا تجاوز السبعين شخصًا، وفق تقديرات أولية. السلطات المحلية نسبت العملية إلى قوات الدعم السريع، معتبرة أن ما جرى يمثل تصعيدًا خطيرًا في استهداف المدنيين ومرافق العبادة داخل المدينة المحاصرة.

مجلس السيادة السوداني عبّر عن إدانته لما وصفه بالاستهداف المتكرر للمدنيين ودور العبادة، مؤكدًا أن مثل هذه الأفعال تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني وتستوجب المساءلة، بحسب ما نقلته وكالة السودان للأنباء “سونا”. من جهتها، أصدرت حكومة إقليم دارفور بيانًا رسميًا وصفت فيه ما جرى بأنه مجزرة مروعة، مشيرة إلى أن منفذها هو مليشيا الدعم السريع، وأن عدد الضحايا تجاوز السبعين مواطنًا سودانيًا.

شبكة أطباء السودان أوضحت أن الطائرة المسيّرة استهدفت المسجد في وقت أداء صلاة الفجر، مشيرة إلى أن الضحايا شملوا فئات عمرية مختلفة من الشيوخ والشباب والأطفال، كما تم تسجيل عدد من الإصابات الحرجة بين المصلين. لجان المقاومة في الفاشر نشرت مقطعًا مصورًا يُظهر حجم الدمار الذي لحق بالمسجد، حيث تحولت أجزاء واسعة منه إلى أنقاض، وظهرت جثامين الضحايا وسط الركام، في مشهد يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تعيشها المدينة.

الهجوم الأخير يأتي في سياق تصاعد المعارك بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني داخل مدينة الفاشر، التي تعاني من حصار خانق وتدهور متسارع في الأوضاع الإنسانية. شبكة أطباء السودان دعت المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، إلى التدخل العاجل والضغط الجاد لوقف هذه الانتهاكات، وضمان حماية المدنيين، وفتح ممرات إنسانية فورية لتوفير الغذاء والدواء للمدينة المنكوبة.

وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر عبّرت عن صدمتها من الحادث، ووصفت ما جرى بأنه مروع للغاية، مطالبة بوقف فوري للقتال، ومحاسبة الأطراف المتورطة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين. وفي تصريح لها عبر منصة “إكس”، قالت كوبر إن الأطراف المتحاربة أظهرت تجاهلًا صارخًا وطويل الأمد لمبادئ القانون الإنساني الدولي، في إشارة إلى استمرار الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق النزاع.

مدينة الفاشر تشهد منذ أسابيع تصاعدًا في حدة المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط ظروف إنسانية متدهورة نتيجة استمرار القتال ونقص حاد في الإمدادات الطبية والغذائية، ما فاقم من معاناة السكان المحليين الذين يعيشون تحت وطأة الحصار والدمار.

في السياق ذاته، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الجمعة، أن عدد الضحايا المدنيين في السودان ارتفع بشكل كبير خلال النصف الأول من العام الجاري، نتيجة تصاعد العنف على أسس عرقية. وأشارت المفوضية إلى أن وتيرة الاعتداءات ضد المدنيين بلغت مستويات مروعة منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم.

وبحسب تقرير حديث صادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فإن ما لا يقل عن 3384 مدنيًا فقدوا حياتهم بين يناير ويونيو، معظمهم في إقليم دارفور. ممثل المفوضية في السودان، لي فونج، قال خلال مؤتمر صحافي في جنيف إن المكتب يتلقى يوميًا تقارير جديدة عن فظائع تُرتكب على الأرض، مؤكدًا أن غالبية الوفيات نجمت عن قصف مدفعي وغارات جوية وهجمات بالطائرات المسيّرة في مناطق مكتظة بالسكان.

التقرير أشار إلى أن عددًا كبيرًا من الضحايا سقطوا خلال الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، إضافة إلى مخيمات زمزم وأبو شوك للنازحين في أبريل الماضي. كما خلص التقرير إلى أن نحو 990 مدنيًا تعرضوا لتصفيات ميدانية وفق إجراءات موجزة خلال النصف الأول من العام، مع تسجيل ارتفاع حاد في هذه الحالات بين شهري فبراير وأبريل، حيث تضاعف العدد ثلاث مرات خلال تلك الفترة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *