استمرار انخفاض قيمة الجنيه السوداني امام الدولار

استمرار انخفاض قيمة الجنيه السوداني امام الدولار

سجلت تداولات صباح الأربعاء استمراراً في الانخفاض الحاد لقيمة الجنيه السوداني، حيث حافظت العملة المحلية على مستوياتها المتدنية في السوق الموازي، دون أن تشهد أي تحسن يُذكر مقارنة بالأيام السابقة. هذا التراجع يأتي بعد انهيار غير مسبوق في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية منتصف الأسبوع الماضي، في ظل غياب أي تدخل فعّال من الجهات النقدية، وتراجع ملحوظ في قدرة البنك المركزي على ضبط السوق أو التأثير في آليات التداول، ما أدى إلى اتساع دائرة فقدان الثقة في السياسات المالية الرسمية.

ورغم أن أسعار العملات الأجنبية أظهرت نوعاً من الاستقرار النسبي، إلا أنها بقيت عند أعلى مستوياتها التاريخية، وهو ما يعكس استمرار الانحدار في قيمة الجنيه السوداني. وتشير المؤشرات إلى أن السوق الموازي بات يتحكم بشكل شبه كامل في عمليات الصرف، في ظل غياب أدوات تنظيمية فعالة وتراجع دور البنك المركزي إلى مستويات غير معهودة، ما فاقم من حالة الفوضى النقدية التي تعيشها البلاد.

ومع بداية التعاملات، بلغ متوسط سعر بيع الدولار الأمريكي في السوق الموازي نحو 3,400 جنيه، متجاوزاً الرقم القياسي السابق الذي سُجل في يوليو الماضي عند 3,350 جنيه، بينما بلغ أعلى سعر صرف له في البنوك نحو 2,400 جنيه. هذا التصاعد في الأسعار جاء بعد فترة قصيرة من الاستقرار النسبي، قبل أن تعود وتيرة الارتفاع نتيجة إحجام عدد من المتعاملين عن البيع واقتصار نشاطهم على الشراء، وسط توقعات بزيادات إضافية في أسعار الصرف خلال الأيام المقبلة.

وبحسب خبراء فإن الأزمة الاقتصادية الراهنة تعود إلى مجموعة من الأسباب الهيكلية، أبرزها التراجع الحاد في التحويلات المالية من المغتربين، والتي تُعد من المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية، إلى جانب فرض قيود تقشفية واسعة على الأسر السودانية نتيجة الظروف الاقتصادية القاسية. كما ساهمت الزيادة الكبيرة في تكاليف استيراد النفط والسلع الأساسية في تعميق الأزمة، فضلاً عن تأثير النزاعات العسكرية المستمرة على الوضع المالي والاجتماعي للمواطنين، ما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية بشكل عام.

ومنذ ثلاثة أعوام، يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي في السودان ارتفاعاً غير مسبوق، تجاوز مؤخراً حاجز 3000 جنيه، ما أثار قلقاً واسعاً بين المواطنين بسبب انعكاساته المباشرة على تكاليف المعيشة اليومية. ويرى الخبراء أن هذا الارتفاع يعود إلى عدة عوامل، من بينها استمرار الحرب، وعدم استقرار الحكومة، وهو ما أدى إلى تراجع الثقة في المؤسسات المالية، ودفع المستثمرين إلى التوجه نحو الدولار كملاذ آمن. كما ساهمت زيادة الطلب على الدولار، خاصة لاستيراد السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود، في رفع سعره، إلى جانب نقص المعروض من العملة الأجنبية نتيجة القيود المفروضة على العمليات المصرفية، وتراجع الإنتاج المحلي من السلع الأساسية بسبب الظروف المناخية والاقتصادية والحرب المستمرة، ما دفع الحكومة إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد.

وتشير المعطيات إلى أن الطلب على الدولار في السودان بات يتجاوز المعدلات الطبيعية، مدفوعاً بارتفاع حجم الاستيراد، حيث أن أكثر من 70% من المواد الغذائية يتم جلبها من الخارج، إضافة إلى توجه الشركات المحلية نحو تأمين احتياجاتها بالدولار في ظل تراجع قيمة الجنيه. كما أن السوق السوداء للدولار تشهد نشاطاً متزايداً، رغم محاولات الحكومة للحد منها، ما يؤدي إلى خروج المزيد من العملة الأجنبية من النظام المصرفي الرسمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *