الإغاثة مابين الإعاشة والفساد!!

تحقيق – سودان تايمز
جولة خاطفة للأسواق وأرصفة المحلات التجارية في عدد من المدن السودانية ، سيما مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية للبلاد ، تكشف عن أوجه أخرى للفساد. وذلك بأمتلاء الأسواق والارصفة بمواد الإغاثة.
منظمات دولية واقليمية وأممية، افرغت حمولات كبيرة من مواد الإغاثة دعما للسودان ، في محاولة لتخفيف وطأة الحرب الاقتصادية ، إلا أن جيوب الفساد كانت لها بالمرصاد.
(سودان تايمز) تتبعت بعض مواد الإغاثة من داخل بيوت مواطنين عاديين ماكان يجب أن تكون داخلها ، فهم من غير المستحقين للدعم ، وحصيلة هذا التتبع معلومات وافرة عن عمليات بيع لمواد الإغاثة، فالذي يتم كان ، إما شراء لهذه السلع من أسواق معلومة أو من أفراد ، والبعض حصل على الإغاثة عبر عملية بيع تتم من داخل مراكز إيواء نازحين .
محطة أخرى في هذا التحقيق، كانت وجهتها ، مراكز نازحين، بعد الحصول على معلومات مؤكدة من أكثر من سيدة ، بأنهن قمن بشراء مواد إغاثة من داخل مراكز الإيواء.
ومن داخل أحد مراكز الإيواء بمدينة بورتسودان، كانت تبدو عملية بيع مواد الإغاثة، أمراً عادياً دون مواربة أو إخفاء.
نازحة من داخل أحد مراكز الإيواء فضلت حجب إسمها ، قالت: إنها تقوم ببيع بعض مواد الإغاثة لنساء من سكان الحي الذي يوجد فيه مركز الإيواء ، وأحياء محاورة ، ومضت بأنها ليست وحدها من تقوم بهذا الفعل ،فهناك اخريات يقمن ببيع مواد الإغاثة من سكر ودقيق وزيت وغيرها وبكميات كبيرة .
وواصلت النازحة * في الحقيقة نقوم ببيع مواد الاغاثة، لتوفير مبالغ من المال لشراء الأغراض الاخرى التي تريدها والتى غير مضمنة في المواد التي تقدم *
نازحة أخرى أضافت * احيانا نشعر بأننا نحتاج لوجبة تتكون من الفول والخبز والبيض، لذلك نبيع بعض مواد الإغاثة، لشرائها*
وتدخلت نازحة أخرى بالقول * نقوم بالبيع حينما تكون مواد الإغاثة متوفرة وصراحة في أحيان تكون بكميات كبيرة ، لكن الآن مرت مدة طويلة ولم نات إلينا إغاثة *.
بالرجوع إلى حديث النازحة الاخيرة، هل فعلاً انقطعت الإغاثة، ام أصبحت تعبث بها ايادى أخرى؟
محمد فضل بائع متجول يفترش الأرض مواد غذائية بكميات كبيرة ،وهي مواد من تلك التي تاتي من دول ومنظمات كدعم انسانى،قال فضل *صحيح هذه مواد إغاثة وانا اعلم بذلك لكن انا اقوم بالشراء من تجار جملة*.
وما بين تجار الجملة والبائع الرئيس هناك المثير من المعلومات حول من وراء عملية ممارسة الفساد في مسرح الإغاثة الدولية.
مسؤول بالحكومة الاتحادية في ملف الشئون الإنسانية، وهو د. عبد القادر عبدالله ،اعترف بتسرب مواد الإغاثة الإنسانية ، وبدأ عبدالله صارما في مسألة التقصير حول من وراء هذا الفساد .حيث قال في حديثه لـ*سودان تايمز * هناك جهات معلومة، مناط بها حسم مثل هذه التصرفات، هناك مفوضية العون الانساني ، وجهاز الأمن والمخابرات، وأمن المجتمع ، هذه الجهات على علم ودراية بما تدخل البلاد من إغاثة وليس هناك أي مجال للحديث عن دخول شاحنات إغاثة انسانية دون ان تعلم هذه الجهات ، وجهتها .
ومضي دكتور عبد القادر بالقول * هذه الجهات الثلاث لابد أن تكون على معرفه بوجهة الإغاثة او مشاركة في تسربها* فالصمت من قبل هذه الجهات عن مايدور بشأن الإغاثة يضعها في دائرة الاتهام .
وواصل د عبد القادر بالقول لا مجال للحديث عن دخول إغاثة للأسواق، الا وهناك جهات ملازمة لدخولها .
مثلا هناك نحو10 ألف فرد يتبعون لجهاز المخابرات، مهمتهم جمع المعلومة ، وإذا كان هناك خلل من المفترض أن تعمل تلك الجهات على قطع الطريق امام ممارسات الفساد . واذا حدث خلل تقوم بملاحقته ومراجعته .
وقبل عام ،كانت قيادة منطقة البحر الاحمر العسكرية، وفقا لمعلومات اثارت جدلا وقتها، بأنها قد ضبطت نحو (30) شاحنة ،مليئة بمواد الإغاثة بالأسواق .
هذه الشاحنات سبق وأن صرح وزير المالية،د جبريل إبراهيم، بأنه شخصيا من سيقوم باستلامها، وتوزيعها وفي ذات الوقت ظهرت شكاوى عديدة، من عدم وصول هذه المساعدات الإنسانية لمستحقيها. وليس ذلك فحسب ،بل ظهرت في الاسواق عينات مقدرة من هذه الشحنة .مما فتح الباب واسعا للحديث عن عمليات فساد واسعة
من جاتب اخر ، قصدت (سودان تايمز )، بعضا من المنظمات الدولية، التى تنشط في تقديم المساعدات الإنسانية للسودان ، اثنين من هذه المنظمات كشف افراد من منسوبيها عن معلومات خطيرة، الا ان ايا منهم رفض الإفصاح عن هويته لأسباب جوهرية.
مسؤول بمنظمة دولية ،قال في حديثه لـ (سودان تايمز ) إن موظفي المنظمة بعيدين من احتمالات ممارسة الفساد ، وذلك لان قوانين المنظمة صارمة جدا ، لاتتوانى في الإطاحة بأي موظف تحوم حوله شبه فساد ،أو تصرف في مساعدات إنسانية على أي نحو.
لذلك يرى ان احتمالات ممارسة الفساد من داخل المنظمة امر مستبعد ،وأضاف بأن المنظمة في احيان كثيرة تدرك وقوع ممارسات فاسدة في مواد الإغاثة وتسربها للأسواق، لكنها تسكت حتى لا تعلم الجهات المانحة، بالأمر، وتتوقف عن تقديم الدعم.
واشار مسؤول المنظمة ، ألى ملاحظة بعدم توفر الثقة احيانا داخل معسكرات النازحين في بعض المشرفين، وقال احيانا حينما نقوم بتوزيع إغاثة داخل معسكرات يأت البعض خفية ويتحدث لنا عن عدم ثفته في افراد بعينهم وسط الإشراف وأنهم لايمدونهم بالكميات المعلنة من المساعدات الإنسانية.
وقال: هناك مواد نراها في اللسواق بعد توزيعها على مراكز الإيواء ومعسكرات النازحين.،وهو امر يضر بالمنظمة وعلاقتها بالمانحين .
مصدر أمني فضل حجب اسمه، قال: إن عملية بيع الإغاثة التي تتم داخل المعسكرات من قبل الفئات المستهدفة نفسها ،فتح شهية من يقومون ببيع الإغاثة، لممارسة عملية البيع و بشكل لهم البيع داخل المعسكرات مظلة وغطاء لممارسة فسادهم.
وأوضح بأن المساعدات الإنسانية معفية من رسوم الجمارك ألامر الذي يجعل مكاسب الفاسدين كبيرة ، وأوضح بأن سلطة الجمارك رقابة فقط حتى لاتدخل اسلحة او أدوية محظوره.
في مناطق أخرى، منطقة الجيلي وما حولها من مناطق الريف الشمالي البالغ تعداد سكانها ما لايقل عن مائة ألف مواطن، ظلت طيلة فترة الحرب تعاني مشاكل في الغذاء..وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه وصول مواد الإغاثة التي يسمعون عنها في وسائل الإعلام، أصبحوا يلاحظون توفر هذه المواد مكتوب عليها توزع مجانا ولا تباع في المحال التجارية تباع بأبهظ الأثمان.. وظل يتردد أن بعض منسوبي القوات النظامية هم من يقومون بتسريب هذه المواد إلى الأسواق..مع العلم أن مواد الإغاثة يتم توزيعها في مناطق غرب الجيلي مباشرة، يفصل بينها وبين من يستحقونها فعلا نهر النيل فقط..وترتب عليه ان الجيلي وما حولها تعيش أزمة غذاء ودواء طاحنة من حيث الندرة والغلاء.
ملايين الدولارات، حصيلة عمليات فساد كبرى داخل حمولات مواد الإغاثة الإنسانية.