الفساد المؤسسي في قطاع المعادن.. (وادي العشار نموذجاً)..!؟

الفساد المؤسسي في قطاع المعادن.. (وادي العشار نموذجاً)..!؟

 

فريق التحقيق: (عبدالرحمن العاجب – أحمد خليل)

لغط كثيف ومعلومات ترقى إلى مستوى الشك المعقول، وضعت مؤسسات رسمية، ومسؤولين نافذين بالدولة، في دائرة اتهامات عنوانها الأبرز شبهة الفساد المالي و الإداري واستغلال النفوذ…!!

تفيد التقارير المختصة، أن التعدين التقليدي، أضحى يمثل ركيزة أساسية في النهوض بالاقتصاد السوداني، لاسيما بعد انفصال جنوب السودان، وخروج عائدات البترول بنسبة كبيرة من الموازنة العامة للدولة، وأصبح نشاط (التعدين) الداعم الأساسي لثلث الشعب السوداني، إذ يعمل به ما يفوق الـ(8) ملايين معدن أهلي، ويشكل (80) % من الإنتاج العام للذهب، وفي المقابل لم يجد المشتغليين في التعدين الأهلي الحد الأدني من الإنصاف والعدالة.

قمة جبل الجليد:

الفساد في حقل التعدين بالسودان، لم يكن أمراً لافتاً في بواكير إنتاج الذهب في البلاد، لكنه تنامى مع تزايد وإنتشار عمليات التنقيب الأهلي ودخول شركات الامتياز الأجنبية والمحلية. وأضحى الفساد بكل أنواعه ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة.

أدلة موثقة:

وثيقة مستند رسمي، تحصلت عليها (سودان تايمز)، كانت بمثابة “رأس الخيط” لتشكيل فريق من محرري التحقيقات للتقصي، وجمع المعلومات الداعمة لفرضية وجود فساد مؤسسي في منطقة وادي العشار الأشهر في نشاط التعدين على امتداد ولايتي البحر الأحمر وكسلا شرقي السودان.

التزوير و الإبتزاز والسمسرة ونزع حقوق الآخرين، هي ممارسات مخالفة للقانون بطبيعة الحال، لكن المفارقة المثيرة للدهشة، تكمن في ممارسة هذه المخالفات من قبل نافذين في القطاع الحكومي الذي يتولى مهام الإشراف وضبط كل ما يتصل بأعمال ونشاط مناجم التعدين…!!

رصد ميداني:

محلية هيا بولاية البحر الأحمر، تضم عدداً كبيراً من مناجم الذهب، ويزاول النشاط فيها مئات العاملين توافدوا إليها من مختلف ولايات السودان.

ورصد فريق التحقيق، واقعاً قاسياً لبيئة العمل “شبه الصحراوية”، والتي تفتقر لأبسط الضروريات سواءً مياه الشرب الصحية أو الكهرباء، حيث يعتمد المعدنون على مولدات للطاقة تزّود بسعات محدودة من الوقود، إضافة إلى مشاق استجلاب المياه والغذاء من نقاط تبعد أكثر من (100) كيلو متر من موقع التعدين..!

الشركة الروسية .. (علامة استفهام)..؟

تعد شركة كوش من أشهر الشركات التي عرفت في منطقة وادي العشار، وتعرف عند المجتمع المحلي بالشركة الروسية… والمفارقة أن الشركة تم تغيير أسم العمل الخاص بها عدة مرات في ذات النشاط ..!، وهذا سنأتي إليه في سياق لاحق من التحقيق.

تزوير وتلاعب في عقودات الإمتياز للتعدين.. تفضحه (الوثائق)

نزع وتزوير:

بداية ولاثبات فرضية الفساد المؤسسي، نستعرض من خلال التحقيق، ملابسات نزع مناجم للذهب تتبع للدكتور مبروك مبارك سليم وزير سابق، يمتلك امتيازاً للتعدين بمنطقة وادي العشار في شرق السودان.

في السياق تحصل فريق سودان تايمز، على مستند يؤكد تورط وزير المعادن محمد بشير عبدالله أبو نمو في تزوير عقودات تعدين، ويعزز الاتهام إعتراف الوزير نفسه…! بالتزوير وإصداره قراراً بإلغاء إتفاقية الإمتياز مع شركة حميد للتعدين، كما تحصل فريق تحقيق سودان تايمز على مستند مفاده أن اللجنة الفنية للتعدين التابعة للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية تعمدت تزوير منحت بموجبه شركة حميد للتعدين مربع امتياز خاص بشركة مبروك للتعدين.

مصالح خاصة:

مستند آخر، يوضح ملابسات القضية هو قرار ممهور بتوقيع المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول أوصى فيه، بنزع مناجم مبروك سليم، وتوزيعها لآخرين تربطهم به علاقة مصالح حسبما تكشف للمحقق ..!

عود على بدء:

تعود القضية بحسب متابعات فريق التحقيق، إلى الخامس عشر من يونيو عام 2015م. حينما دفع الدكتور مبروك مبارك سليم بخطاب إلى السيد وزير المعادن الأسبق أحمد صادق الكاروري، بخصوص الموقع الخاص به في منطقة وادي العشار بمحلية هيا، وبحسب الخطاب، أكد مبروك سليم افتتاحه بئراً للتعدين في المنطقة عام 2007م، وكانت البئر وقتها منسبة، وما زال تنتج ذهباً ، ويديرها وكيله مبارك أحمد علي وهو الموكل من طرف مبروك سليم لإدارتها.

صراع الامتيازات:

يدعم مبروك سليم دفوعاته، محدداً في خطاب لوزير المعادن إحداثيات البئر أو الموقع، مبيناً وقوعها جغرافيا على المساحة: (17063537 – 36،06753 – 35،04،023 e – ،3800، 17in) ويحدها من الجنوب موقع باسم سلمان مسلم الرشيدي، ومن الشرق والغرب فضاء، مؤكداً في خطابه للوزير مزاولته العمل في الموقع المشار إليه، وأن ذلك يسهم في دعم اقتصاد البلاد – وفقاً للخطاب، وطالب مبروك سليم برفع الضرر عنه من الشركة الروسية، مشيراً إلى تلقيه ما يفيد أن الوزارة بصدد منح الموقع الخاص به للشركة الروسية، ورأى أنه الأولى بالتخصيص طالما أن الموقع دخل فعلياً دائرة الإنتاج.

مستند داعم:

فريق (سودان تايمز) وفي إطار سعيه لاستجلاء الحقائق وضع يده على مستند يوضح احداثيات منجم مبروك مبارك سليم، بجانب الآليات الموجودة بالموقع وهي: عدد (6) بوكلن – عدد (3) ناقلة آليات – عدد (2) جاك همر – عدد (3) بلدوزر – عدد (8) لودر – عدد (12) قلاب – مولد كهرباء – عدد (2) تنكر مياه – عدد ( 2) ماكينة تكسير ، وأوضح المستند أن المنجم يعمل بنظام الورديات ثلاث ورديات كل وردية بها (100) عامل.

في السياق نفسه تحصل فريق (سودان تايمز) على احداثيات منجم عبدالرحمن محمد علي صلاح، وهو وكيل الدكتور مبروك مبارك سليم، وكشف المستند عدد الآليات الموجودة بالموقع وهي: عدد (5) بوكلن – عدد (1) بلدوزر – عدد (3) بوكس)، ويوضح المستند احداثيات منجم عبدالحميد فرح سليمان وهو وكيل الدكتور مبروك مبارك سليم وكشف المستند عدد الآليات الموجودة بالموقع وهي : عدد (5) بوكلن – عدد(3) بوكس.

تقرير مهني للأبحاث:

أكد تقرير مأمورية أخذ الإحداثيات بمحلية هيا في منطقة وادي العشار الصادر في الثالث والعشرون من أبريل عام 2017م، عن الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية مكتب بورتسودان، أنه تمت الزيارة للمواقع المعنية والوقوف عليها ميدانياً، وأخذ الاحداثيات لها وهي كالآتي: منجم رقم (1) لصاحبه الدكتور مبروك مبارك سليم – الوكيل مبارك محمد علي، ومساحة المنجم بحسب الاحداثيات الموضحة في التقرير بالكيلومتر المربع تساوي( 0،16) ،ومنجم رقم (2) لصاحبه الدكتور مبروك مبارك سليم – الوكيل عبدالحميد فرح سليمان، ومنجم رقم (3) لصاحبه الدكتور مبروك مبارك سليم – الوكيل عبدالرحمن محمد علي صلاح.

وذكر التقرير بحسب إفادة مبارك محمد علي وكيل الدكتور مبروك مبارك سليم بأن المناجم السابقة الذكر هي عبارة عن موقع واحد، وبالتالي تم أخذ احداثيات لتحديد حدود الموقع الذي يضم المناجم (1-2-3)، كما تم توضيحها في التقرير، وبلغت المساحة الكلية للموقع بالكيلومتر المربع (1.41).

إتفاق وعقودات:

في 24 أبريل عام 2017 م، تم توقيع إتفاق عرف بعقد التعدين التقليدي للذهب داخل مربع شركة كوش، بين وزارة المعادن ومبروك مبارك سليم، للعمل في التعدين التقليدي داخل المربع الممنوح لشركة (كوش)، ونص العقد وقتها على أن مبروك سليم لديه المقدرة المالية المؤهلة لأعمال التعدين التقليدي، وعلى أساسها تم توقيع اتفاق عُرف بالعقد الثلاثي للعمل في مربع (30) إمتياز شركة كوش وجرى ذلك عام 2017م.

أدلة وإفادات حصرية لـ (سودان تايمز) تكشف تورط نافذين في فساد إداري وابتزاز

اعتراف بالتزوير:

حمّل قرار وزير المعادن اعترافاً بالتزوير ورد فيه النص الأتي: (وبما أنه قد ثبت أن الطرف الثاني في الاتفاقية المشار إليها قد قدم معلومات غير صحيحة للجنة الفنية للتعدين، مستنداً إلى توكيل ممنوح له من السيد مبروك مبارك سليم مالك إسم العمل مبروك للتعدين إلى شركة حميد للتنمية والاستثمار العالمية المحدودة، وبما أن هذا الفعل يعتبر ذا أثر جوهري لانعقاد الاتفاقية بالمعنى المقصود في المادة 17 (1) (4) من الاتفاقية عليه أقرر الاتي:

1. تلغى من تاريخ صدور هذا القرار إتفاقية الامتياز لاستكشاف وتطوير واستغلال معدن الذهب والمعادن المصاحبة له بمربع 30 q البحر الأحمر الموقع عليها بتاريخ 17/ 6/ 2021م.
2. يرد مبلغ بونص التوقيع الذي قام الطرف بدفعه.
3. على سكرتير اللجنة الفنية للتعدين والجهات الأخرى ذات الصلة وضع القرار موضع التنفيذ.

خسائر بـ(3) ملايين دولار:

المستندات الصادرة عن الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية، واللجنة الفنية للتعدين، والشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة، والتي تحصلت عليها فريق (سودان تايمز) تؤكد جميعها، أن المناجم بالأرقام (1) و (2) و (3) بمنطقة وادي العشار بشرق السودان، هي مملوكة لمبروك مبارك سليم، وبسبب سيطرة بعض الشركات الأخرى على المناجم دون وجه حق تعرضت شركة مبروك للتعدين لخسائر بلغت (3) مليون دولار بعد أن فشلت في الإيفاء بالتزاماتها الموقعة مع شركة الديباج للاستثمار والتنمية المحدودة.

وأكد توكيل صادر عن المحامي وموثق العقود محمد أحمد شورة الذي يحمل سجل بالرقم (8509) صادر بتاريخ 25 فبراير 2021م أكد إن مبروك مبارك سليم المالك لعقد التعدين التقليدي للذهب داخل مربع شركة كوش الصادر من وزارة المعادن – الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة بتاريخ 24 أبريل 2017م، أوكل وفوض وأناب السيد/ حميد محمد حامد أحمد لينوب عنه ويقوم مقامه في إدارة المناجم الخاصة به بالأرقام (1) والمنجم (2) والمنجم (3) وله حق مقابلة جميع السلطات الرسمية من وزارة المعادن والضرائب والزكاة وخلافها، ودفع الرسوم المقررة والتوقيع على المستندات، ولكن فيما بعد قام حميد وكيل مبروك سليم بتأسيس شركة أطلق عليها إسم شركة حميد للتنمية والاستثمار العالمية المحدودة، وقام بتفويض محمد المنير أدم حمد ليقوم مقامه في تكملة الاجراءات بوزارة المعادن.

مخالفات للقانون:

في مخالفة صريحة، وتجاوز للمالك الحقيقي مبروك سليم، منحت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية بتاريخ (13 فبراير 2022م)، رخصة بحث مطلق (1/2022) لشركة سيدون للتعدين في مساحة قدرها (1.4) كيلومتر مربع بمحلية هيا ولاية البحر الأحمر للتنقيب عن الذهب في نفس احداثيات منجم مبروك سليم، ووقع الرخصة نيابة عن الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية المدير المكلف وقتها عثمان حسن عبدالقادر، فيما وقع نيابة عن شركة سيدون للتعدين محمد المنير أدم حمد.

وتجدر الإشارة إلى أن شركة سيدون تابعة لمبارك محمد علي، وهو وكيل مبروك سليم في ذات المنجم، ولكن عندما علمت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية بالخطأ أصدر محمد أحمد السيد سكرتير اللجنة الفنية للتعدين المكلف، وبحسب توجيه وزير المعادن محمد بشير عبدالله، بتاريخ (19 يونيو 2022م)، أصدر قرار بإيقاف نشاط التعدين بالرخصة رقم (1/2022) بموقع النشاط بولاية البحر الأحمر إلى حين إشعار آخر.

شهادة محلية:

في السياق أفادت لجنة منطقة وادي العشار بشهادتها أن الاحداثيات التي تقدم بها مبارك محمد علي، تقع في داخل احداثيات منجم مبروك سليم وسبق وأخرجت لها اللجنة شهادة خلو طرف، وأن المدعو مبارك محمد علي، تقدم على نفس الاحداثيات بشهادة خلو طرف من لجنة هاميناي هدايا، جنوب منطقة هيا جبل الغرض، وتبعد هذه المنطقة عن وادي العشار مسافة (95) كيلومتراً، وهذا خلط وتزوير، ومهرت الشهادة بتوقيع العمدة أبو طالب محمود منصور من لجنة أهالي منطقة وادي العشار.

تلاعب في التعاقدات:

في خطوة تنطوي على شبهات، أشرف المستشار القانوني لشركة المسار العالمية للخدمات والتعدين المحدودة، على توقيع العقد المبرم بين مبارك محمد علي صالح وهو وكيل مبروك سليم في المنجم (1) وشركة المسار التي يمثلها حسن عبدالقادر محمد، واتفق الطرفان على أن يكون نصيب الطرف الأول وهو مبارك 35% من الإنتاج ونصيب الطرف الثاني وهو شركة المسار 65%، ولكن إتضح أن هناك تلاعب وشبهة تزوير في العقد وبينما كان العقد موقع بتاريخ (17 أكتوبر 2019م)، نجد أن الطرف الثاني حسن عبدالقادر محمد ممثل شركة المسار بطاقته القومية التي وقع بها العقد صادرة بتاريخ (12 يناير 2020م) ..!، وهنا يتضح التلاعب وشبهة التزوير بشكل واضح.

من جهة أخرى، وبحسب الإقرار المشفوع باليمين الصادر عن محمد أحمد شورة المحامي وموثق العقود والذي يحمل سجل بالرقم (8509)، فإن مبروك سليم أكد إنه صاحب الحق والامتياز في المنجم رقم (1) الخط الأخضر وادي العشار بموجب عقد التعدين الثلاثي الصادر من وزارة المعادن، وأكد عدم موافقته على عقد الشراكة المبرم بين مبارك محمد علي وشركة المسار، وأنه تم التوقيع على هذا العقد من دون علمه، وأنه لم يوكل مبارك لتوقيع العقد وأقر بأنه لم يستلم أي عائد من الإنتاج منذ (1 سبتمبر 2020م) ، وأقر بأن استمرار العمل في المنجم بموجب عقد الشراكة هذا يشكل أضرار مادية وفنية للمنجم يصعب تداركها واستمرار العمل بالمنجم يضر ويفقد الأرض قدرتها على الإنتاج ويضعفه وذلك لعدم وجود أي مندوب من طرفه للإشراف على هذا المنجم.

المالك يقاضي وكيله:

وإتهم مبروك مبارك سليم، وكيله في المنجم (1) مبارك محمد علي بتفجير المنجم دون علمه وبطريقة مخالفة للقانون والحصول على (127) كيلو ذهب الأمر الذي دفع مبروك سليم لتدوين بلاغ ضده، وفي (27 فبراير 2021م) أصدر وكيل النيابة محمد سر الختم مصطفى أمر بالقبض على المتهم مبارك محمد علي صالح بناء على الدعوى الجنائية رقم 38 / للعام 2021 المادة (177) من القانون الجنائي.

وفي الخامس والعشرون من أبريل 2022م أصدر خليفة أحمد خليفة النائب العام لجمهورية السودان قرار بالرقم (12) لسنة 2022م في الدعوى الجنائية بالرقم (38 / 2021) تحت المادة (177) ق. ج، المتهم فيها مبارك محمد علي صالح، وقرر النائب العام شطب الدعوى الجنائية لعدم الاختصاص النوعي، وفك الحجز على البئر وأدوات التشغيل وإلغاء جميع الأوامر والتوجيهات الصادرة بالدعوي وإخطار الشاكي باللجوء للمحاكم المدنية وحفظ الأوراق.

حجز بأمر قضائي:

وفي شأن الدعوى القضائية المرفوعة من الشاكي مبروك سليم ضد مبارك محمد علي، وشركة المسار العالمية للخدمات  والتعدين المحدودة، أصدرت محكمة بحري الجزئية برئاسة القاضي الوليد إبراهيم محمد في (18 مايو 2022م) أمراً وقتياً بوقف العمل في المنجم رقم (1) وادي العشار ولاية البحر الأحمر، وهو المنجم الخاص بمبروك سليم لحين صدور أمر آخر وابداء الأسباب المانعة، ووجهت المحكمة مدير الشرطة القضائية بولاية البحر الأحمر بأن يتم حجز الموقع المعني ويوضع تحت حراستها وأن تفيد المحكمة بالتنفيذ في جلسة 26 مايو 2022م.

تدخل جهات حكومية:

في سياق التزوير والتلاعب والسمسرة ومحاولات نزع مناجم مبروك سليم وتوزيعها لآخرين بعث مبارك عبدالرحمن أردول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية بتاريخ (22 سبتمبر 2022م)، بخطاب لوزير المعادن محمد بشير عبدالله بخصوص إتفاق شراكة، وأشار أردول في خطابه إلى وزير المعادن إلى أن مجموعة وادي العشار بعثت إليه بخطاب خاص باتفاق الأطراف الثلاثة للقيام بشراكة تامة في المنتج، وفق مقترحين وبناء عليه، قال أردول بحسب خطابه للوزير: إنه “يفضل الموافقة على المقترح الثاني والخاص بتسجيل مربع تعديني تبلغ مساحته (13،950) كيلو متر مربع بين الطرفين الموقعين على الاتفاق المذكور على أن يقع المنحم رقم (1) ضمن المساحة المذكورة وتخصيص المساحة المتبقية للطرف الثالث الرافض للاتفاق، وهو مبروك سليم صاحب الحق الأصيل، وطالب أردول وزير المعادن بالاطلاع على الخطاب والمقترح والتوجيه”.

(كوش) الروسية تتنازل:

وفي المقابل نجد أن اللجنة الفنية، قامت بتقييم مناجم مبروك سليم، والتأكد من أنها دخلت دائرة الإنتاج، وتم ترفيع الشركة إلى تعدين كبير، وبحكم أقدمية مبروك في تلك المناجم وامتلاكه مستندات واحداثيات تؤكد ذلك، تنازلت له الشركة الروسية كوش عن (17) كيلو بالإضافة للكيلو الاول، وبذلك أصبحت مساحة مناجم مبروك سليم (18) كيلو متر مربع، وهي المساحة التي تنازلت منها الشركة الروسية كوش لصالح شركة مبروك سليم للتعدين بمنطقة وادي العشار، وهذا الأمر أكدته اللجنة الفنية للتعدين التابعة للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية.

عقد ثلاثي:

وفي 24 أبريل عام 2017م، قامت الشركة السودانية للموارد المعدنية بتوقيع عقد عرف بعقد التعدين التقليدي للذهب داخل مربع شركة كوش بين وزارة المعادن، ومبروك سليم للعمل في التعدين التقليدي داخل المربع الممنوح لشركة كوش، واعترف العقد وقتها بأن مبروك سليم لديه المقدرة المالية التي تؤهله لأعمال التعدين التقليدي وعلى أساسها تم توقيع هذا العقد الذي عرف بالعقد الثلاثي للعمل في مربع (30) امتياز شركة كوش وكان ذلك في عام ٢٠١٧م وبالنظر إلى المادة العاشرة الفقرة الرابعة من العقد المبرم بين الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة ومبروك مبارك سليم فإننا نجدها نصت على أنه إذا نشأ خلاف بين الطرفين يحل ودياً، والا فيحل عن طريق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم السوداني.

تعيين مراقب:

خطاب صادر عن الشركة السودانية للموارد المعدنية بتاريخ (22 ابريل 2019م)، يحمل توقيع عمر محمد سليمان مدير إدارة الرقابة على مواقع الانتاج، أكد تعيين عمر الطيب قاسم مراقب للإنتاج بموقع مبروك سليم المعدن بوادي العشار من قبل الشركة السودانية.

فيما أكد خطاب صادر عن الشركة السودانية للموارد المعدنية بتاريخ (20 فبراير 2022م) يحمل توقيع موسى الباقر مشرف بمواقع الإنتاج، أكد تعيين الجيولوجي عبدالله أبو علي بدري مراقب لمنجم مبروك سليم.

تسوية عوائد مالية:

وفي منحى متصل بتحصيل العوائد، كشف خطاب صادر عن الشركة السودانية للموارد المعدنية، يحمل توقيع مشرف مواقع الإنتاج جيولوجي، هيكل محمد طاهر، كشف إن أعمال مبروك للتعدين قامت بتسوية العوائد الجليلة، لشهري نوفمبر وديسمبر للعام 2020م والتي قدرت بـ(500000) جنيه بواقع (1250) جوال، فضلاً عن استضافة الجيولوجي كمراقب بموقع العمل.

حقيقة (الشركة الروسية) التي حملت أسماء متعددة..!!
وما علاقتها بنافذين في النظام البائد..؟

الشركة الروسية وحقوق العاملين:

تفيد متابعات سودان تايمز، إن عدد كبير من المعدنيين التقليديين, في منطقة وادي العشار التابعة لمحلية هيا بولاية البحر الأحمر، ظلوا على الدوام، يطالبون باسترداد حقوقهم من الشركة الروسية، ولكنهم لم يجدُ الحد الأدنى من الانصاف والمناصرة من مؤسسات الدولة الرسمية، كما ظلوا يطالبون بايقاف مصادرة آبارهم لصالح الشركة الروسية، وتفيد المتابعات ان تلك الآبار باتت تمثل مصدر رزق لعشرات الآلاف من الأسر وخاصة بعد تعرض بعضهم لخسائر فادحة بسبب عمليات الحفر، والتي كلفتهم مئات الملايين من الجنيهات، فضلا عن دخول بعض المستثمرين في التزامات مالية وخسائر كبرى جراء التعدي على حقوقهم من قبل نافذين في الدولة.

اسم جديد للشركة الروسية:

جاهر عدد كبير من المعدنيين في منطقة وادي العشار، بالشكوى، من التغول على آبارهم دون وجه حق من قبل الشركة السودانية الروسية، موضحين أن هذه الشركة سابقا وفي عهد النظام السابق، كانت تسمي بـ(شركة كوش) وبعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، تم تغيير اسمها إلى اليانس، وأشار بعض المعدنين الى أنها تعتبر من اكبر الشركات التي لا تزال لها علاقة قوية بنافذين في النظام السابق، ومنذ ذلك الوقت لا زالت تمارس التغول والاستيلاء على حقوق المعدنيين، ومصادرة آبارهم بسند مزعوم من افراد النظام البائد، مما تسببت بإلحاق الضرر للكثيرين في وقت يطالب فيه أصحاب التعدين الأهلي مؤسسات الدولة بالتدخل العاجل من أجل استرداد حقوقهم.

(422) شركة بوادي العشار:

وكشفت متابعات سودان تايمز عن وجود (422) شركة مصدقة للعمل بمنطقة وادي العشار، وتعمل تلك الشركات في التعدين وتنتج نسبة (15- 20 %) من حصيلة الإنتاج الكلي للذهب في السودان، وتوقع بعض المعدنين التقليديين أن يقود مصادرة آبار المعدنيين لصالح الشركة الروسية إلى تشريد العمال البالغ عددهم أكثر من (73) ألف معدن بمنطقة وادي العشار، وتفيد متابعات (سودان تايمز) بأنه تمت مصادرة عدد كبير من آبار المعدنين والشركات الصغيرة لصالح الشركة سودانية روسية تدعي كوش منذ تأسيسها في عام 2014م تقريباً وفيما بعد سميت اليانس، وتفيد المتابعات بأنه صدرت عدة توجيهات من الجهات الرسمية والمحاكم بإعادة الآبار الى أصحابها، ولكنها لم تنفذ.

مخالفات للقانون وشكاوى من مصادرة آبار المعدنيين لصالح (شركات وهمية)

شركات وهمية:

وفي إطار بحث فريق (سودان تايمز) عن شركة كوش، التي تحولت مؤخراً إلى اليانس، تحصل، على وثيقة تفيد بأن شركة سودامين، وهي شركة حكومية تابعة لوزارة المعادن، أبرمت اتفاقيات مع عدد كبير من الشركات، ولكن بحسب المعلومات والتقارير التي تحصل عليها الفريق فإن معظم تلك الشركات هي شركات وهمية وليس لديها إمكانيات تذكر بخلاف شهادة التسجيل، ومن بينها شركة اليانس للتعدين المحدودة التي تحمل رقم التسجيل أو التأسيس (45850)، وتعتبر شركة سودامين من مؤسسي هذه الشركة وتمتلك ٢٥٪ من أسهم الشركة، فيما تمتلك شركة كوش للاستكشاف والإنتاج المحدودة 68% بينما تمتلك شركة أكسون للمشاريع المتطورة المحدودة 7% من أسهم الشركة والتي لديها مخالفة في محكمة الخرطوم شرق الجزئية.

افادات صاحب الامتياز:

وأفاد مبروك مبارك سليم، وهو صاحب منجم بوادي العشار، بأنه تحصل على المنجم بطريقة صحيحة وقانونية، وقال لـ(سودان تايمز)، إن المنجم الخاص به تم تصديقه له تعدين أهلي قبل أن تقوم الحكومة السودانية بتصديق الامتياز للشركة الروسية في عام 2014م، وأكد مبروك إنه تظلم للوزارة من إعطاء الامتياز للشركة الروسية بحجة أن وجوده في المنجم كان قبل الشركة، موضحاً أن وزارة المعادن قامت في عام 2015م، بزيارة الموقع وحددت له احداثيات بعد الزيارة وبدأ العمل في المنجم بنظام العقد الثلاثي.

وكشف مبروك عن حقيقة مفادها إن وزير المعادن أوقف بقرار وزاري تجديد العقودات الثلاثية في كل السودان في عام 2018م وكون لجنة لزيارة المناجم داخل امتيازات الشركات الكبيرة، وبالنسبة للجنة اذا اتضح لها أن اي معدن أهلي قام بعمل كبير يرقى إلى حفرة كبيرة ثم تتنازل له الشركة ويسجل له امتياز، وأضاف مبروك (بالفعل قامت اللجنة بزيارة موقعي وبما ان ما قمت به عمل كبير كلفني خمسة مليون دولار، رفعت اللجنة قرارها وتم ترفيعي وتنازلت الشركة الروسية لي بالاسم عن (18) كيلو متر مربع. ‬‬

اتهام نافذين:

واتهم مبروك نافذين في وزارة المعادن بالفساد، وقال انهم قاموا بعملية تزوير من خلالها تم تحويل امتيازه بتزوير إلى شركة أخرى، وأفاد مبروك بأنه تقدم بمذكرة تظلم للنائب العام، وبعدها أصدر وزير المعادن قرار بإلغاء امتياز الشركة التي قامت بالتزوير، ولكنه رفض أن يسجل الامتياز باسم مبروك سليم، وقال إن وزير المعادن كان يساوم وأصر أن يكتب الامتياز باسم آخر غير اسم مبروك رغم ان كل المستندات تثبت احقيتي في ذلك.

شركة للجيش تستخدم سلطة النفوذ وتنافس في التعدين

استخدام السلطة والنفوذ:

وكشف مبروك عن تدخل مبارك أردول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية السابق بمساومة بينه وبين وكيل مبروك وشركة المسار التي كتبت عقد استثمار في الموقع دون موافقته، وأشار إلى أن الشخص الذي قام بالتوقيع في العقد كان وكيله ولايحق له أن يوقع استثمار مع الغير وتأسف مبرول للأمر، وقال مبروك: (إن التزوير الأول في الامتياز كان باسمه والشركة التي وقع معها هي شركة المسار التابعة للقوات المسلحة، والتي استولت على الموقع بقوة السلاح، بالرغم من أن هنالك قرار قضائي بحجز المنجم، إلا أن القوات المسلحة رفضت أمر القضاء، وأضاف: (هي حتى الآن تسرق في حقي) – بحسب تعبيره – موضحاً إن رئيس مجلس إدارة شركة المسار هو اللواء الصادق مدير مكتب الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، ومدير الشركة هو حسن العقيد.

سودان تايمز تستفسر الأطراف:

ولتحقيق مبدأ الدقة والتوازن والموضوعية والنزاهة والمهنية تواصل فريق (سودان تايمز) مع وزير المعادن والمدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية الحالي والسابق عبر تطبيق (واتساب) ولكنهم تهربوا من الرد على أسئلة المحرر الذي قام بارسال رسالة إلى وزير المعادن محمد بشير عبدالله أبو نمو والذي بدوره تجاهل الرسالة، فيما رحب المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية محمد طاهر بالمحرر وقام بتحويله للمدير المختص والذي يدعى حاتم البشرى والذي بدوره استلم رسالة المحرر، لكنه لم يرد عليها حتى الآن، كما تواصل المحرر مع مبارك أردول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية السابق والذي طالته اتهامات عديدة ،وورد اسمه في هذا التحقيق غير أنه أيضا تجاهل الرسالة ولم يرد عليها حتى كتابة التحقيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *