الدعم السريع تسيطر على المثلث الحدودى وتطرد المعدنيين
في تطور ميداني لافت ضمن النزاع الدائر في السودان، أفادت مصادر متطابقة وثلاثة معدّنين فرّوا من مناطق التعدين الأهلي في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، أن قوات الدعم السريع استولت بالقوة على جميع مناجم الذهب في المنطقة خلال شهر أكتوبر الماضي، وأجبرت العاملين فيها على المغادرة تحت تهديد السلاح.
سيطرة كاملة
أكدت المصادر أن قوات الدعم السريع فرضت سيطرتها الكاملة على المثلث الحدودي منذ يونيو الماضي، عقب انسحاب الجيش السوداني وحلفائه إلى داخل الولاية الشمالية. وأوضح المعدّن محمد عيسى شرف الدين أن قوة مسلحة مكوّنة من ست سيارات، يرتدي أفرادها زيّ قوات الدعم السريع، قامت بتطويق مناطق التعدين من جميع الاتجاهات، وجمعت المعدّنين من الآبار والمساكن، وأمرت الجميع بمغادرة الموقع فورًا. وأضاف أن القوة هددت بنقلهم إلى سجن دقريس في مدينة نيالا في حال رفضوا المغادرة، مشيرًا إلى أن قائد القوة منحهم مهلة أسبوع لمغادرة المنطقة عبر الحدود المصرية، وهو ما تم بالفعل، حيث عبروا إلى داخل مصر وتم تسليمهم لاحقًا إلى السلطات السودانية في مدينة وادي حلفا.
استغلال المناجم
من جهته، كشف المعدّن إبراهيم هرون محمد أن قوات الدعم السريع استغلت جميع المناجم التي يزيد عددها عن 36 موقعًا للتعدين الأهلي، والتي كانت تنتج كميات كبيرة من الذهب. وأشار إلى أن هناك مواقع إضافية تم إخلاؤها من قبل المعدّنين نتيجة الخوف من الانتهاكات والاعتقال. وأوضح هرون أن أكثر من مئة معدّن اضطروا إلى الفرار نحو الحدود المصرية، تاركين خلفهم معداتهم وممتلكاتهم الشخصية، في ظل غياب أي ضمانات أمنية أو قانونية تحميهم من الملاحقة.
أزمة المياه
أفاد الحمري، وهو أحد أصحاب الترحيلات في منطقة الخناق المجاورة للمثلث، أن غالبية المعدّنين غادروا المنطقة بعد قصف استهدف بئر “أم الخير”، التي تُعد المصدر الوحيد للمياه وتبعد نحو 70 كيلومترًا عن المثلث. وأوضح أن المعدّنين الذين كانوا يعملون قرب الحدود المصرية اعتمدوا على المياه القادمة من داخل مصر، لكنهم اضطروا لاحقًا إلى الفرار نتيجة ملاحقة قوات الدعم السريع، التي طالبتهم بوقف جميع أنشطة التعدين في المنطقة. وأكد أن عمليات النزوح من المنطقة كانت واسعة النطاق، خاصة بعد استهداف مصادر المياه الحيوية.
نزوح جماعي
وفقًا لشهادات متطابقة وشهود عيان، فإن تكثيف سلاح الجو التابع للجيش السوداني ضرباته الجوية على المثلث الحدودي ساهم في تسريع وتيرة النزوح الجماعي. وأفادت المصادر أن آلاف المعدّنين التقليديين فرّوا إلى دولتي ليبيا ومصر، بينما عاد آخرون إلى ولاياتهم الأصلية داخل السودان. ويُقدَّر عدد المعدّنين الذين كانوا يعملون في المثلث بنحو 15 ألف شخص، ضمن ما يقارب مليوني مواطن يعملون في قطاع التعدين الأهلي في السودان، والذي يسهم بنحو 83% من إجمالي إنتاج الذهب في البلاد، ما يجعل هذه التطورات ذات تأثير مباشر على الاقتصاد المحلي والمجتمعات المعتمدة على هذا النشاط.
