مصر تكثف جهودها الدبلوماسية لهدنة انسانية فى السودان

مصر تكثف جهودها الدبلوماسية لهدنة انسانية فى السودان
السودان ومصر

في ظل تصاعد الانتهاكات في مدينة الفاشر وتدهور الوضع الإنساني في السودان، كثّفت القاهرة من تحركاتها الدبلوماسية، مجددة دعوتها إلى هدنة شاملة تضمن تدفق المساعدات، وتؤسس لمسار سياسي ينهي الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

دعوة مصرية

في اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، جددت القاهرة دعوتها إلى ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان، تتيح إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة. وشدد عبد العاطي على أهمية فتح الممرات الإنسانية لتسهيل وصول الإغاثة، مديناً الانتهاكات التي وقعت في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي شهدت مؤخراً تصعيداً عسكرياً واسعاً بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على المدينة، آخر معاقل الجيش السوداني في الإقليم. وترافقت هذه التطورات مع تقارير أممية عن مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان.

موقف ثابت

أوضحت وزارة الخارجية المصرية أن الاتصال بين عبد العاطي وكوبر تناول تبادل التقديرات بشأن تطورات الأوضاع في السودان، حيث أكد الوزير المصري على موقف بلاده الثابت في دعم وحدة السودان واستقراره ومؤسساته الوطنية. كما أطلع عبد العاطي نظيرته البريطانية على جهود القاهرة ضمن الآلية الرباعية الدولية، التي تضم السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة، والتي تسعى إلى التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار. وأشار إلى ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق هدنة إنسانية تضمن تدفق المساعدات إلى جميع أنحاء السودان، وتخفف من معاناة السكان المدنيين.

جهود الرباعية

تعمل الآلية الرباعية الدولية على دفع الأطراف السودانية نحو وقف إطلاق النار، وقد عقدت اجتماعاً وزارياً في واشنطن خلال سبتمبر الماضي، شددت فيه على ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح، والضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وتُعوّل مصر على هذه الآلية لإقرار هدنة شاملة، وفق ما أكده السفير صلاح حليمة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الذي أوضح أن القاهرة تسعى إلى وقف الحرب السودانية عبر مراحل تبدأ بهدنة لمدة ثلاثة أشهر، تليها أخرى تمتد لتسعة أشهر، تمهيداً لتسوية سياسية تنهي النزاع.

رؤية القاهرة

بحسب تصريحات السفير صلاح حليمة مع جريدة الشرق الاوسط ، فإن رؤية الآلية الرباعية تهدف إلى استغلال فترة الهدنة لوضع تسوية سياسية تنهي الحرب الداخلية في السودان. وأشار إلى أن مصر تبذل جهوداً لحشد الدعم الدولي من أجل الحفاظ على وحدة السودان واستقراره، والحد من الانتهاكات بحق المدنيين، لا سيما في مناطق المواجهات المسلحة. وتأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه البلاد واحدة من أكبر أزمات النزوح والجوع في العالم، حيث أسفرت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل عشرات الآلاف، ونزوح نحو 12 مليون شخص، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

تحديات الالتزام

ورغم المقترحات المتكررة لوقف إطلاق النار، يرى السفير صلاح حليمة أن الالتزام الفعلي من طرفي النزاع لا يزال محل شك، مشيراً إلى أن إعلان الموافقة لا يعني بالضرورة التنفيذ، في ظل تمسك الجيش والدعم السريع بخيار المواجهة العسكرية. هذا الرأي يتقاطع مع تقديرات مكي المغربي، مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، الذي أشار في تصريح مع جريدة الشرق الاوسط إلى صعوبة القبول بهدنة في ظل الغضب الشعبي من أحداث الفاشر، ورفض قبائل وحركات دارفور لأي تسوية لا تقوم على إنهاء التمرد.

دعم رئاسي

وفي وقت سابق، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال محادثات مشتركة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في القاهرة، أهمية الآلية الرباعية باعتبارها مظلة دولية للسعي نحو تسوية الأزمة السودانية ووقف الحرب. هذا التأكيد الرئاسي يعكس التزام القاهرة بدورها الإقليمي في دعم جهود التهدئة، وسط تصاعد الانتهاكات في دارفور وتفاقم الوضع الإنساني في السودان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *