اردول يتهم الحركة الاسلامية بالوقوف ضد اتفاق هدنة انسانية
في سياق الجدل المتصاعد حول مبادرة الآلية الرباعية لإنهاء الحرب في السودان، وجّه مبارك أردول، القيادي في الكتلة الديمقراطية والمدير العام السابق لشركة الموارد المعدنية، انتقادات حادة للحركة الإسلامية السودانية، متهمًا إياها بالوقوف ضد أي اتفاق هدنة إنسانية، معتبرًا أن رفضها ينبع من رغبتها في الحفاظ على وجودها السياسي.
أوضح أردول في منشور حمل عنوان “مقايضة الهدنة الإنسانية بالمستقبل السياسي للحركة الإسلامية”، أن بيان الرباعية الصادر في سبتمبر الماضي، والذي نصّ بوضوح على عدم وجود مستقبل سياسي للجماعات العنيفة المرتبطة بالحركة الإسلامية، شكّل نقطة تحول دفعت هذه التيارات إلى اتخاذ موقف رافض لأي هدنة. وأشار إلى أن الحركة الإسلامية تعاملت مع المبادرة ليس كفرصة لوقف نزيف الدم وتهيئة المناخ للسلام، بل كتهديد مباشر لمكانتها السياسية، ما دفعها إلى التصعيد ورفض أي تسوية شاملة يمكن أن تنهي الحرب، مؤكدًا أن الدافع الحقيقي لهذا الموقف هو الحفاظ على وجودها السياسي بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار السودان ومعاناة شعبه.
استعرض أردول في منشوره تاريخ الحركة الإسلامية في التفاوض، مشيرًا إلى أنها شاركت في محادثات سلام متعددة في أبوجا وفرانكفورت ونيفاشا وأبشي وأديس أبابا والدوحة، دون أن تعتبر تلك المشاركات خروجًا عن المبادئ أو خيانة. لكنه أكد أن الجديد في موقفها الحالي هو رفضها القاطع لأي جهود سلام تراها تهدد مستقبلها السياسي، مشددًا على أن السبب المعلن للرفض لا يعكس بالضرورة السبب الحقيقي، إذ أن جوهر الموقف الرافض للهدنة لا يتعلق بالسلام نفسه، بل بالخوف من فقدان الحضور السياسي في المشهد السوداني.
تطرق أردول إلى سجل الأخطاء المتبادلة بين الحركة الإسلامية وخصومها، مشيرًا إلى أن الحركة خلال فترة حكمها مارست الإقصاء والاستبداد، لكنها بعد سقوطها تعرضت بدورها لإجراءات تعسفية خلال المرحلة الانتقالية. وأوضح أن بعض الإسلاميين عادوا إلى أجهزة الدولة بعد اندلاع الحرب، وكرروا نفس الممارسات القديمة، من بينها حرمان خصومهم من وثائق السفر، وفتح بلاغات كيدية، ومنعهم من حقوقهم الأساسية. واعتبر أن هذه السلوكيات، بغض النظر عن الجهة التي تمارسها، تعيد إنتاج دائرة الانتقام التي عطّلت بناء الدولة السودانية لعقود، مؤكدًا أن الوطن لا يُبنى بالعزل، وأن العدالة لا تتحقق بالثأر.
أردف أردول أن الهدنة الإنسانية، التي يُفترض أن تكون خطوة نحو إنهاء الحرب ومعالجة الأوضاع الكارثية للمدنيين، أصبحت رهينة لمعادلات النفوذ والحسابات الحزبية. واعتبر أن هذا التحوّل مرفوض تمامًا، لأن السلام الإنساني لا ينبغي أن يكون صفقة سياسية أو وسيلة لضمان وجود فصيل معين، ولا يجب أن يتحول إلى أداة للمكايدة السياسية أو الاصطفاف ضد الخصوم. وشدد على أن بناء وطن جديد يتطلب فصل الإنساني عن السياسي، والاعتراف بأن حقوق المواطنة والحريات لا تخضع للمساومة أو المقايضة، مؤكدًا أن الهدنة ليست منحة لأحد، بل حق أصيل لكل السودانيين الذين أنهكتهم الحرب والصراع على السلطة.
