مئات النازحين يصلون الى الدبة بالولاية الشمالية
في أعقاب التطورات العسكرية التي شهدتها مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، وصل مئات النازحين إلى مدينة الدبة في الولاية الشمالية، بعد رحلة شاقة تجاوزت 1200 كيلومتر، وسط أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة. وتأتي هذه الموجة من النزوح بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، التي كانت آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.
حركة النزوح
أفادت مصادر محلية أن نحو 62 ألف شخص فرّوا من مدينة الفاشر عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليها في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، متجهين إلى مناطق كورما وطويلة وقرني، حيث لا يزال آلاف منهم عالقين دون وسائل نقل أو دعم. وأوضح عدد من النازحين الذين وصلوا إلى مدينة الدبة أنهم قطعوا مسافات طويلة مرورًا بقرني، طرة، أم مراحيك، ومليط، ثم عبروا مناطق الكبابيش في كردفان قبل الوصول إلى وجهتهم النهائية. وتحدث عادل يعقوب، أحد الفارين، عن استمرار معاناة عشرات الأسر التي لا تزال تبحث عن وسائل نقل من مليط والمناطق المجاورة لمواصلة النزوح نحو مناطق أكثر أمانًا، مشيرًا إلى أن معظمهم غادر الفاشر قبل أيام قليلة من دخول قوات الدعم السريع.
أوضاع صحية
قال محمد صالح المصطفى، أحد النازحين الذين وصلوا إلى الدبة، إن من بين الفارين عددًا من الجرحى والمرضى الذين تلقوا رعاية صحية أولية فور وصولهم. وأكد أن الظروف الصحية للنازحين تتطلب تدخلًا عاجلًا من الجهات المختصة، خاصة في ظل نقص الخدمات الطبية في المناطق التي استقبلتهم. وأضاف أن الرحلة الطويلة والمرهقة أثّرت بشكل كبير على كبار السن والأطفال، الذين وصلوا في حالة إنهاك شديد، ما يستدعي تعزيز الدعم الطبي والإنساني في مراكز الإيواء.
جهود الإيواء
في السياق ذاته، أفاد الزين عثمان، أحد المتطوعين في الولاية الشمالية، بأن السلطات المحلية أعدّت نحو 100 خيمة لإيواء النازحين في منطقة العفاض، إلى جانب تجهيز عيادتين طبيتين في مركزي حوش مليط والعفاض. وأوضح أن العدد الأولي للنازحين الذين وصلوا إلى الدبة تجاوز 700 شخص، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى عدد من المصابين والمرضى. وأكد أن الهلال الأحمر السوداني وعددًا من المنظمات الإنسانية، إلى جانب أبناء الفاشر المقيمين في الولاية الشمالية، شاركوا في استقبال النازحين وتقديم الخدمات الأساسية لهم، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والدعم النفسي.
خلفية السيطرة
جاءت سيطرة قوات الدعم السريع على مقر الفرقة السادسة مشاة في مدينة الفاشر بعد حصار استمر نحو عام ونصف، لتسقط بذلك آخر نقطة تمركز رئيسية للجيش السوداني في إقليم دارفور. وأدى هذا التحول العسكري إلى موجة نزوح واسعة، شملت آلاف المدنيين الذين غادروا المدينة في ظروف بالغة التعقيد، وسط غياب شبه كامل للمساعدات الإنسانية في المناطق التي مروا بها. وتُعد هذه التطورات من أبرز مؤشرات تصاعد الأزمة في الإقليم، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من الجهات المحلية والدولية لتخفيف آثارها على السكان المدنيين.
