مجلس حقوق الانسان : انتهاكات جسيمة ارتكبت عقب دخول الدعم الى الفاشر
في أعقاب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني بمدينة الفاشر، أشار المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فولكر تورك، إلى أن الوضع في المدينة بات يشهد تصعيداً بالغ الخطورة. هذا التحول الميداني، الذي وقع يوم أمس، دفع مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إصدار بيان رسمي يوم الإثنين، أكد فيه تلقيه سلسلة من التقارير المقلقة حول ما وصفه بانتهاكات جسيمة ارتُكبت عقب دخول القوات إلى أجزاء واسعة من الفاشر، وكذلك إلى مدينة بارا بولاية شمال كردفان خلال الأيام الأخيرة.
تقارير ميدانية
المكتب الأممي أوضح أنه تلقى معلومات تفيد بوقوع حالات تصفية ميدانية بحق مدنيين كانوا يحاولون الفرار من مناطق الاشتباك، وسط مؤشرات على أن بعض هذه العمليات تمت بدوافع عرقية. كما وردت تقارير عن استهداف أفراد لم يعودوا يشاركون في القتال، في مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي الإنساني. المفوض السامي أشار إلى أن خطر ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق في الفاشر يتزايد يوماً بعد يوم، داعياً إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وتأمين ممرات آمنة للنازحين.
مشاهد مصورة
مكتب حقوق الإنسان أفاد بأن مقاطع فيديو وصلت إليه تُظهر مشاهد صادمة لعشرات الرجال غير المسلحين وهم يتعرضون لإطلاق نار، أو يُشاهدون وهم ملقون على الأرض، بينما يظهر مقاتلون من قوات الدعم السريع في محيطهم وهم يوجهون إليهم اتهامات بالانتماء إلى الجيش السوداني. هذه المشاهد، التي لم يتم التحقق منها بشكل مستقل، تعزز المخاوف من تصاعد العنف القائم على الهوية، وتثير تساؤلات حول مدى التزام الأطراف المتنازعة بالقواعد الدولية التي تحظر استهداف المدنيين.
احتجاز وفرار
التقارير الواردة إلى المكتب الأممي أشارت أيضاً إلى احتجاز مئات الأشخاص أثناء محاولتهم مغادرة المدينة، من بينهم صحفيون وعاملون في المجال الإنساني. وبالنظر إلى سجل الانتهاكات السابقة في شمال دارفور، فإن احتمالات تعرض النساء والفتيات لأشكال متعددة من العنف تبقى مرتفعة، خاصة في ظل غياب آليات الحماية الفاعلة. كما أشار التقرير إلى أن القصف المدفعي العنيف الذي وقع بين 22 و26 أكتوبر تسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا، بينهم متطوعون محليون، في وقت يصعب فيه تحديد الأعداد الدقيقة بسبب انقطاع الاتصالات وفرار السكان.
حصار ومعاناة
في ظل استمرار الحصار المفروض على مدينة الفاشر منذ 18 شهراً، وردت أنباء عن حالات تصفية ميدانية طالت خمسة رجال أثناء محاولتهم إدخال مواد غذائية إلى المدينة، التي تعاني من نقص حاد في الإمدادات وارتفاع غير مسبوق في الأسعار. هذه الحوادث تأتي في سياق أزمة إنسانية متفاقمة، حيث باتت الحياة اليومية في المدينة مرهونة بجهود فردية ومبادرات محلية محدودة، وسط غياب الدعم الدولي الكافي.
أحداث بارا
التقارير الحقوقية لم تقتصر على الفاشر، بل شملت أيضاً مدينة بارا في شمال كردفان، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في 25 أكتوبر بعد هجوم واسع. وأفادت المعلومات بأن عدداً من المدنيين تعرضوا لتصفيات ميدانية بعد اتهامهم بدعم القوات المسلحة السودانية، في وقت تشير فيه التقديرات إلى أن العشرات فقدوا حياتهم خلال تلك العمليات، ما يعكس نمطاً متكرراً من الانتهاكات في المناطق التي تشهد تحولات عسكرية مفاجئة.
دعوة دولية
في ختام بيانه، شدد المفوض السامي فولكر تورك على ضرورة أن تتخذ قوات الدعم السريع خطوات ملموسة وفورية لوقف الانتهاكات بحق المدنيين في الفاشر وبارا، بما في ذلك العنف القائم على الهوية والهجمات الانتقامية. وذكّر قادة هذه القوات بالتزاماتهم المعلنة بموجب القانون الدولي الإنساني، خاصة فيما يتعلق بحماية المدنيين وتأمين مرور المساعدات الإنسانية. كما أكد تورك أن استخدام التجويع كسلاح في النزاعات المسلحة يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، داعياً الدول ذات النفوذ إلى التحرك العاجل لمنع تكرار هذه الانتهاكات، وضمان المساءلة الكاملة لجميع الأطراف المتورطة في النزاع.
