صحافيين سودانيين يواجهون خطر الحصار فى عدة مدن ليبية

صحافيين سودانيين يواجهون خطر الحصار فى عدة مدن ليبية

في ظل تصاعد التوترات الشعبية المناهضة لوجود الأجانب في عدد من المدن الليبية، أعرب عدد من الصحفيين السودانيين اللاجئين في ليبيا عن قلقهم البالغ إزاء سلامتهم الشخصية، بعد أن شهدت البلاد مظاهرات حاشدة طالبت بترحيل المهاجرين، تخللتها أعمال تخريب استهدفت سوق الجمعة الأسبوعي المخصص للأجانب في مدينة مصراتة غرب البلاد. وكشفت نقابة الصحفيين السودانيين عن وجود 33 صحفياً سودانياً لاجئاً مع أسرهم داخل ليبيا، مؤكدة أن بعضهم تعرض لهجمات مباشرة في منازلهم أو أثناء تنقلهم في الشوارع، ما فاقم من شعورهم بالعزلة والخطر.

شهادات ميدانية

أحد الصحفيين السودانيين، الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، تحدث لموقع “دارفور24” عن الظروف الصعبة التي يعيشها عشرات الصحفيين السودانيين المنتشرين في المدن الليبية، مشيراً إلى أن تصاعد الدعوات الشعبية لترحيل الأجانب جعلهم يواجهون مصيراً مجهولاً. وأوضح أنه لجأ إلى ليبيا برفقة أسرته المكونة من خمسة أفراد، وسجل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أملاً في الحصول على حماية من الإعادة القسرية إلى السودان. وأضاف أن أبناءه تعرضوا للتنمر من قبل أطفال ليبيين، ما اضطره إلى إيقافهم عن الدراسة، مؤكداً أنه يعمل في مهن هامشية لتأمين احتياجات أسرته، لكنه اضطر مؤخراً للبقاء في المنزل خوفاً من التظاهرات.

أزمة قانونية

الصحفي ذاته أشار إلى أن السلطات الليبية لا تعترف ببطاقة اللجوء الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتعتبرها غير صالحة للإقامة القانونية داخل البلاد. وأوضح أن التنقل بين المدن بات محفوفاً بالمخاطر بسبب انتشار جهاز الهجرة غير الشرعية في نقاط التفتيش، حيث يتم اعتقال كل من لا يحمل إقامة سارية. هذه القيود القانونية، إلى جانب التوترات الأمنية، جعلت من حياة الصحفيين السودانيين في ليبيا أكثر هشاشة، ودفع نقابة الصحفيين السودانيين إلى مناشدة المنظمات الدولية للتدخل العاجل من أجل إجلاء الصحفيين إلى أماكن أكثر أماناً.

حملات أمنية

في سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية الليبية عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك” أن لجنة ميدانية تابعة للغرفة الأمنية المشتركة بمديرية أمن صبراتة نفذت حملة واسعة يوم الأحد الماضي، استهدفت عدة مواقع وسط المدينة، وأسفرت عن ضبط المئات من المهاجرين غير النظاميين. كما تم اتخاذ إجراءات قانونية بحق أصحاب العقارات التي كانت تؤويهم. هذه الحملات الأمنية، رغم أنها تستهدف الهجرة غير النظامية، أثارت مخاوف واسعة بين اللاجئين السودانيين، خاصة الصحفيين الذين يعيشون في ظروف قانونية غير مستقرة ويخشون أن تشملهم هذه الإجراءات.

أوضاع مأساوية

سكرتيرة الحريات بنقابة الصحفيين السودانيين، إيمان فضل السيد، كشفت في تصريح لموقع “دارفور24” عن وجود 33 صحفياً سودانياً لاجئاً مع أسرهم داخل ليبيا، يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية. وأكدت أن بعضهم تعرض لهجمات في منازلهم أو أثناء تنقلهم، مشيرة إلى أن الأحداث الأخيرة مؤسفة بحق السودانيين والأجانب عموماً. وشددت على أن من يقفون وراء هذه الاعتداءات لا يمثلون الشعب الليبي بأكمله، بل يسعون إلى تحريض الرأي العام ضد الأجانب وإجبارهم على مغادرة البلاد بطرق قاسية وغير إنسانية.

حصار داخلي

فضل السيد أوضحت أن عدداً من الصحفيين السودانيين باتوا محاصرين داخل مدن شهدت أعمال عنف هذا الأسبوع، ولا يستطيعون المغادرة إلى مناطق أكثر أماناً داخل ليبيا. وأكدت أن الخوف والذعر يسيطران على هؤلاء الصحفيين الذين فروا من السودان بسبب الحرب، مشيرة إلى أن النقابة عاجزة عن إجلائهم جميعاً أو توفير المبالغ اللازمة لترحيلهم إلى أماكن آمنة، نظراً لعددهم الكبير واعتماد أغلبهم على أعمال هامشية لتغطية احتياجات أسرهم. هذا الوضع يضع النقابة أمام تحدٍ إنساني كبير، يتطلب تنسيقاً دولياً عاجلاً.

مطالب دولية

في ظل هذه الظروف، تسعى نقابة الصحفيين السودانيين إلى إيجاد حلول عبر التواصل مع المنظمات الدولية، وعلى رأسها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لتأمين الحماية للصحفيين السودانيين اللاجئين في ليبيا. كما ناشدت بضرورة إعادة توطينهم في بلدان أخرى، نظراً لعدم قدرتهم على العودة إلى السودان بسبب الاستهداف، وعدم إمكانية البقاء بأمان في ليبيا بعد الأحداث الأخيرة. هذه الدعوات تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف من تصاعد العنف ضد الأجانب، ما يجعل من قضية الصحفيين السودانيين اللاجئين ملفاً إنسانياً ملحاً على أجندة المنظمات الدولية.

إحصاءات رسمية

وبحسب أحدث إحصائية صادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سبتمبر الجاري، تستضيف ليبيا نحو 357 ألف لاجئ سوداني، يتوزعون على عدد من المدن والمناطق. وتشير البيانات إلى أن 193 ألفاً منهم يقيمون في بلدية الكفرة الحدودية مع السودان، و80 ألفاً في العاصمة طرابلس، و10 آلاف في بنغازي. كما تستضيف مدينة مصراتة أكثر من 7,248 لاجئاً، والزاوية 6,190، والجفارة 20,443. أما في شرق البلاد، فتحتضن درنة 5,642 لاجئاً، وطبرق 5,768، والجبل الأخضر 3,822. هذه الأرقام تعكس حجم الوجود السوداني في ليبيا، وتُبرز التحديات التي تواجههم في ظل تصاعد التوترات الأمنية والسياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *