هل يتحول خطاب كامل إدريس إلى حكومة حرب

هل يتحول خطاب كامل إدريس إلى حكومة حرب

 

في خطابه الأول، بدا رئيس حكومة بورتسودان الجديد متوافقاً مع رؤية عسكرية تفتقر إلى دلائل السلام.

تعهد رئيس حكومة بورتسودان الجديد، كامل إدريس، في أول خطاب له يوم الأحد، بالقضاء على التمرد، لكنه تجاهل ذكر حلفاء الجيش المسلحين. وقد اعتبر مراقبون أن هذه البداية تحمل رسائل غير تصالحية وتنسجم مع أجندة الإخوان التي ترفض مبدأ الحلول السلمية من خلال التفاوض.

بعد أن أدى اليمين، أوضح إدريس أن أولوياته تشمل تعزيز الأمن القومي، والحفاظ على هيبة الدولة، والتصدي للتمرد الراهن، والتخلص من ظاهرة “الميليشيات المتمردة”.

الخطاب، الذي صدر بعد أيام قليلة من أدائه اليمين، أثار الكثير من التساؤلات حول نوايا الحكومة الجديدة وقدرتها على تقديم مسار مدني حقيقي أو تعزيز الجهود لتحقيق تسوية سياسية في السودان.

توجه رئيس حكومة بورتسودان مبكرًا قد عزز المخاوف من أن تعيينه لا يُعَد تحولًا نحو مسار مدني أو بداية لعملية سياسية شاملة، بل هو خطوة تهدف إلى توفير غطاء سياسي للسلطة القائمة، المتمثلة في قيادة الجيش، وتعزيز واقع الميليشيات تحت غطاء “شرعي” حكومي.

“لغة الحرب”

أحدث الخطاب شعورًا بالإحباط بين ملايين السودانيين الذين يتطلعون إلى إنهاء الحرب وتحقيق السلام، خاصةً أنه لم يقدم رؤية واضحة لحل سياسي شامل أو آلية لوقف النزاع المستمر منذ أبريل 2023.

وصف ناشطون سودانيون على وسائل التواصل الاجتماعي خطاب إدريس بأنه بمثابة إعلان عن انضمامه إلى جانب الحرب.

ورأوا أن كلمته تسير على نفس الطريق الذي تسلكه قيادة الجيش في بورتسودان، من خلال الدعوة لمواصلة القتال.

على الرغم من إشارة إدريس إلى الحوار بين السودانيين، إلا أن العديد من السودانيين على وسائل التواصل الاجتماعي اعتبروا أن هذه الفكرة قد تساهم في إعادة تعزيز القوى السياسية المرتبطة بنظام الإخوان السابق، خصوصًا “حزب المؤتمر الوطني”، مما يثير استياء جزء كبير من الشارع السوداني.

“سرديات الجيش”

في حديثه مع “العين الإخبارية”، أفاد رئيس دائرة الإعلام في حزب الأمة القومي السوداني، المصباح أحمد محمد، بأن “الخطاب الأول لرئيس الوزراء الجديد، كامل إدريس، يتماشى بوضوح مع خطاب السلطة التي عينته، ويدعم استمرار الحرب”.

وأضاف “كامل إدريس أنه تعهد بالقضاء بشكل نهائي على قوات الدعم السريع، دون أن يتحدث عن الحاجة إلى إنهاء الحرب أو نحو البحث عن تسوية سياسية شاملة تؤدي إلى السلام”.

وقال “على الرغم من حديث إدريس عن برامج خدمية، فإن الخطاب كان بعيدًا عن الواقعين السياسي والأمني، واحتوى على تناقض مع الواقع الذي يؤكد أن الحرب المستمرة هي السبب الرئيسي في معاناة السودانيين”.

أوضح المصباح أن تعيين إدريس يُعتبر خطوة “زخرفية” تهدف إلى “تحسين صورة النظام وتوفير غطاء رمزي لوضع سياسي يفتقر إلى الشرعية”.

انطباع يدعمه المحلل السياسي يتمثل في “محاولة إدريس تبرير وجود التشكيلات المسلحة الأخرى، مما يدل على احتمالية انخراطه في تبني روايات أمراء الحرب، الذين يواصلون دفع البلاد نحو مزيد من الانقسامات والتدهور”.

وأكد أن “تعيين كامل إدريس جاء في سياق سياسي يشهد اضطرابًا وانقسامًا شديدًا بفعل سلطة عسكرية انقلابية غير دستورية”.

وخلص المصباح إلى أن الخطاب يُعبر تماماً عن الرؤية العسكرية، دون أخذ اعتبارات لأصوات القوى المدنية أو تطلعات الشعب نحو السلام.

“حكومة حرب لا سلام”

أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي شوقي عبد العظيم، فيرى أن خطاب إدريس “لا يعكس حكومة مدنية تسعى إلى السلام بأي شكل من الأشكال”.

قال في حديث له مع “العين الإخبارية”، “إن الموقف تجاه الحرب هو بالضرورة الصورة التي تعكس بوضوح توجه الحكومة ومساراتها”.

وأضاف “منذ الخطاب الأول، ظهر كامل إدريس متبنياً موقف الحكومة العسكرية التي تدعو إلى الحسم العسكري، واستمر في اتباع نهجها رغم الآثار الكارثية التي نتجت عنها”.

أشار المحلل السياسي السوداني إلى أن رئيس الحكومة الجديد “لا يمكنه أن يقترح أي خطة لتصحيح وضع المليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني، لأن من الواضح أنه يتبع رؤية القيادة العسكرية للجيش، مما يجعلنا لا نتوقع إمكانية أن يقدم إدريس رؤية مختلفة بعيداً عن إرادة السلطة العسكرية في بورتسودان”.

ورأى أن حديثه عن الخدمات والتنمية والاستقرار “لا يتماشى مع أي رؤية تدعم الاستمرار في الحرب، أو ترفض الحلول السلمية التفاوضية”.

خلص عبد العظيم إلى أن “حكومة كامل إدريس ستكون حكومة حرب وليس حكومة سلام”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *