شبح صراع مستمر . ما قد لا تعرفه عن تيغراي في إثيوبيا
متاعبة : سودان تايمز
مع انقطاع الاتصالات بشكل كامل تقريباً مع منطقة تيغراي شمال إثيوبيا بعد أسبوع من إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام، آبي أحمد، بدء عملية عسكرية في المنطقة رداً على هجوم مزعوم من قبل القوات الإقليمية، يلف الغموض والخوف المشهد في المنطقة التي تضم أكبر مخازن السلاح، وأكبر قوة عسكرية في البلاد بعد الجيش.
وليس ثمة ما يشير إلى هدوء في القتال الذي اشتمل على غارات جوية متعددة من قبل قوات الحكومة الاتحادية، وتم الإبلاغ عن مقتل مئات الأشخاص من كل جانب.
على مدى الأيام الماضية تبادلت الحكومة الاتحادية الإثيوبية وحكومة إقليم تيغراي، جبهة تحرير شعب تيغراي، اللوم في بدء الصراع، بعد أن اعتبر كل طرف الطرف الآخر غير شرعي.
إلا أن للقصة جذوراً أعمق وأقدم، فعلى مدى سنوات طويلة هيمنت جبهة تحرير شعب تيغراي على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا قبل أن يتولى آبي السلطة في 2018 ، لكنها انفصلت منذ ذلك الحين متهمة إدارة رئيس الوزراء باستهداف وتهميش مسؤوليها.وشكل هذا الخروج مادة دسمة لقوة مسلحة كبيرة في شمال البلاد، تملك مخازن أسلحة ضخمة، وتعتبر – بحسب العديد من الخبراء – ثاني أكبر قوة بعد الجيش الإثيوبي.
فإقليم تيغراي يضم ما يقدر بنحو ربع مليون مقاتل مسلح بأسلحة متنوعة، ومن بين ستة فرق ميكانيكية تابعة للجيش الإثيوبي، تتمركز أربعة في تيغراي.
أما سبب كل هذا التسلح فيعود إلى إرث من الحرب الحدودية الطويلة التي خاضتها إثيوبيا مع إريتريا، والتي أنهاها توقيع اتفاق سلام بعد وصول آبي إلى السلطة، لكن أديس أبابا لا تزال على خلاف مرير مع جبهة تحرير شعب تيغري.
وقد شبه خبراء هذا الوضع المخيف في إثيوبيا بين تيغراي والحكومة الاتحادية بالنزاع الداخلي، حيث يكون كل جانب مدججاً بالسلاح ومدرباً تدريباً جيداً.
كما أكد محللون أن قوات جبهة تحرير شعب تيغراي، التي تحكم المنطقة، هي قوات متمرسة على القتال في المعارك، وتمتلك مخازن ضخمة من المعدات العسكرية.
وبحسب المجموعة الدولية للأزمات، يصل عددهم مع حلفاء آخرين في المنطقة إلى 250 ألف مقاتل. ولعل كل تلك المعطيات دفعت العديد من دول العالم إلى التحذير من حرب ونزاع مدمر، قد يطول.
وكان قائد القوات الجوية الإثيوبية، الميجور جنرال، يلما ميرداسا، أكد أمس للصحافيين أن القوات دمرت مستودعات أسلحة ومحطات وقود وأهدافا أخرى “بسيطرة مطلقة على الأجواء”. وأضاف أن الضربات الجوية ستستمر. ولا يزال من الصعب على الدبلوماسيين والخبراء وغيرهم التحقق من مزاعم أي من الجانبين بشأن القتال.
ومع استمرار القتال، توقع مسؤولون في الأمم المتحدة تدفق نحو 200 ألف لاجئ إثيوبي إلى السودان، هرباً من الصراع الدامي في منطقة تيغراي شمال إثيوبيا، في ظل تقارير تشير إلى أوضاع معيشية صعبة يواجهها المدنيون المعزولون عن العالم الخارجي.
وبحسب التقارير الواردة فقد عبر ما لا يقل عن 6000 شخص الحدود. وأظهرت الصور الواردة من الإقليم طوابير طويلة خارج متاجر الخبز في منطقة تيغراي، وتقطعت السبل بالشاحنات المحملة بالإمدادات عند حدودها، حسبما قال مسؤول الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في إثيوبيا لوكالة أسوشييتد برس.
إلى ذلك، حذرت الأمم المتحدة اليوم الخميس من أن وكالات الإغاثة التي تعمل في المنطقة غير قادرة على إعادة ملء مخازنها من المواد الغذائية والصحية وإمدادات الطوارئ الأخرى فيما تدور معارك بين القوات الاتحادية وقوات المنطقة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في أحدث تقاريره عن الأزمة إن خطوط الاتصالات الهاتفية مع المنطقة لا تزال مقطوعة الأمر الذي يضر بعمليات الإغاثة.
كما ذكر التقرير أن “التنقلات غير مسموحة من تيجراي وإليها، ونتيجة لذلك ترد تقارير عن نقص في السلع الأساسية يؤثر، أشد ما يؤثر، على الفئات الأكثر ضعفا”. وأضاف أن منظمات الإغاثة قلقة أيضا بشأن حماية الأطفال والنساء وكبار السن والمعاقين من الاشتباكات العسكرية.
بدورها عبّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم عن قلقها من حدوث حالة طوارئ تتعلق باللاجئين إذا ما اضطر المزيد من المدنيين للنزوح بسبب القتال.
أتى هذا التحذير بعد أن ذكرت الحكومة السودانية، أمس الأربعاء، أن السودان استقبل أكثر من عشرة آلاف لاجئ إثيوبي منذ تفجر القتال.
يشار إلى أنه حتى الآن يقاوم آبي (44 عاماً)، وهو أصغر زعماء إفريقيا سناً، دعوات من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وأطراف أخرى لوقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات.
وتثور مخاوف واسعة النطاق من أن يمتد القتال في تيغراي إلى أجزاء أخرى من ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان، وإلى باقي منطقة القرن الإفريقي.