اسواق السودان تعود الى الحياة لاول مرة بعد عامين من الحرب

دبت الحياة من جديد في أسواق عاصمة السودان والعديد من الولايات لأول مرة بعد عامين، شهدت خلالهما الأسواق سكوناً كبيراً على وقع النزوح الواسع للمواطنين وسط الحرب الدائرة بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع، إذ يستعد السودانيون للاحتفال بعيد الفطر وسط آمال بانحسار الدمار، إذ يرى الكثيرون أنه يمثل رمزية مهمة للاحتفال، حاملاً معه حقبة جديدة بعد غياب الاحتفالات بالأعياد على مدار عامين.
ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الحرب، إلا أن الأسواق اكتظت بالمستهلكين، فقد شهدت أسواق الخرطوم في مدنها أم درمان وشرق النيل وبعض أجزاء من مدينة الخرطوم بحري وولاية الجزيرة والنيل الأبيض وولاية سنار والنيل الأزرق وولاية شمال كردفان تزاحماً واسعاً من قبل المواطنين لشراء ملابس الأطفال ومستلزمات العيد وفرش المنازل والدهانات كما انتعشت أسواق الدقيق لصنع الكعك، إلى جانب شراء كميات كبيرة من الحلوى، ابتهاجاً بعودة لافتة للمواطنين إلى منازلهم بعد أن بسط الجيش السوداني سيطرته على أجزاء واسعة من البلاد.
ووسط الإقبال المتزايد على الشراء، سجلت أسعار الملابس والعديد من السلع ارتفاعاً لافتاً في الأسعار، لا سيما في ظل نقص المعروض من العديد من السلع، والتي يرى مواطنون أنها أمر مؤقت بسبب تداعيات الحرب وإغلاق الطرق. وسجل سعر السكر عشرة آلاف جنيه سوداني للكيلوغرام ( حوالي 3.7 دولارات) والعدس سبعة آلاف جنيه واللحوم عشرة آلاف جنيه للكيلوغرام وجوال الدقيق (50 كيلوغراماً) 140 ألف جنيه، أما أسعار الحلويات فتبدأ من ثلاثة آلاف جنيه إلى 15 ألفاً بحسب الصنف مع توفر الخضراوات في معظم ولايات السودان.
وفيما يتعلق بملابس الأطفال فتتراوح أسعارها بين 15 ألفاً إلى 50 ألف جنيه في غالب الولايات، كما انتشر الإقبال على الهدايا من جانب المواطنين العائدين من الدول المجاورة، كما قام ميسورون بتوزيع الملابس على الكثير من الأسر التي فقدت عائلها وتدمرت منازلها.
قال المواطن محمد بابكر من ولاية الجزيرة لـ”العربي الجديد”: “رغم المآسي وفقدان الأهل في هذا العيد، إلا أن عودة الكثير من المواطنين إلى منازلهم تعطي دافعاً للاحتفال بالعيد. الأسواق عادت إلى العمل في ظل ظروف صعبة، لكن الظروف الاقتصادية والمعيشية ليست عقبة أمام الفرحة”. وأضاف أن كثيراً من الأسر تبدي حرصها على شراء ملابس الأطفال مثلما هي العادة في معظم البلدان، باعتبار أن هذا جزء من الاحتفال بهذه المناسبة، حيث يتأنق الجميع ليبدو بأجمل صورة خلال أيام العيد.
وعمّ الصخب الكثير من المنازل قبيل عيد الفطر، إذ شهدت نشاطاً كبيراً لإعداد الكعك الذى يعتبر بأشكاله المختلفة من الأساسيات في هذه المناسبات. وقالت ربة المنزل أم مصطفى وهي من سكان مدينة أم درمان إنه لأول مرة بعد عامين نجتمع كجيران لعمل الحلويات الخاصة بالعيد. وأضافت أنه رغم غلاء الأسعار إلا أن الجميع ساهم في إعداد الحلويات والمخبوزات لتكتمل الفرحة للجميع بهذه المناسبة. وتابعت :”سيكون هذا العيد مختلفاً تماماً بعد أن تفرقنا بفعل النزوح الواسع ولم نجتمع مثل هذا الجمع”
وفي ولاية القضارف (شرق السودان) قال المواطن محمد عبد الحكم لـ”العربي الجديد” إن “هذا العيد يأتي مختلفاً، لذا لا بد من ارتداء الملابس الجديدة التي تدخل البهجة والسرور على الكبار والصغار”، مشيراً إلى أن الجميع يسعى إلى تجهيز الأطعمة التقليدية وتبادل الزيارات بين الأهل لتعزيز الترابط والتعاون بين الناس كما كان يحدث في السابق.
وأضاف أن “الاستعدادات لعيد الفطر لافتة هذا العام، إذ جرى التحضير لها في الساحات الكبرى والمساجد لاستقبال المصلين لتشكيل حشود كبيرة في كل ولايات السودان للتعبير عن فرحتهم بعودة الناس إلى منازلهم بعد غربة طالت سنوات، خاصة أن ولاية القضارف استضافت أعداداً كبيرة من النازحين من ولايتي سنار والجزيرة وعاشت مع النازحين سنوات عصيبة من الآلام”.
وانتشرت أعمال التكافل هذا العيد، إذ قال إسحق آدم من مواطني أم درمان، والذي يعمل معلماً، إنه “تم تشكيل لجان لدفع زكاة الفطر للمحتاجين قبل أداء صلاة عيد الفطر من أجل تعزيز روح التكافل الاجتماعي، إضافة إلى أن عدداً من الأسر اتفقت على تخصيص مبالغ مالية لتجهيز الطعام على مدى أيام العيد الثلاثة للأسر الفقيرة وتوزيعها في الساحات العامة والمساجد ابتهاجاً بعودة الكثيرين وتشجيع الآخرين على العودة إلى ديارهم لتكتمل فرحة المواطنين”.