تقاوي للإتحاد الأوربي .. أهم المشروعات التي ساعدت السودانيين أثناء الحرب بالقضارف

القضارف: سودان تايمز
سطعت ابتسامة رضا وفرح على وجه عزيزة هارون، وهي تشق زراعتها الممولة من الاتحاد الأوربي، تعبيرا عن سعادتها، بما حققته من إنتاج بالرغم من ظروف الحرب الدائرة بالسودان، وآلامها وتداعياتها.
عزيزة هارون من منطقة القدميلية “الترفة”، أقدم مناطق الزراعة الآلية في السودان، تمكنت من تحقيق إنتاجية عالية، بلغت نحو (200) جوال من محصول الذرة، بمساعدة من الاتحاد الأوربي، بمنحة تقاوي محسنة، تم توزيعها عبر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، ضمن مشروعات الاتحاد الأوربي، لتعزيز سبل كسب العيش في السودان، ومساعدة السودانيين أثناء الحرب.
لقد مثل مشروع الاتحاد الأوربي، لتقديم التقاوي المحسنة مجانا لصغار المزارعين والمزارعات، أهم تلك المشروعات، وساهم بشكل كبير، في نقل الكثير من الأسر من ضيق الفقر، ومعاناة كسب العيش، والحصول على الغذاء إلى حد الاكتفاء، وتحقيق إنتاجية توفر غذاءا للأسر يكفيها لشهور في ظل الحرب، خاصة من الذرة الذي يمثل الغذاء الرئيسي للسكان هنا في ولاية القضارف شرقي السودان.
اعتماد على الزراعة
تقول عزيزة هارون، المزارعة بمنطقة القدمبلية بالقضارف، “نعتمد على الزراعة بصورة رئيسية، في توفير الغذاء من مشتقات منتجاتها، وكذلك نعتمد عليها بشكل أساسي في توفير احتياجاتنا الأساسية الأخرى للعيش من مأكل ومشرب وتعليم وعلاج”، وأضافت عزيزة “منذ بداية الحرب أصبحنا نعتمد على الزراعة بشكل أساسي وكلي في معيشتنا، إذ توقفت معظم المداخيل الأخرى، وفقد أبناءنا وازواجنا أعمالهم بالولايات التي اشتعلت فيها الحرب”، تؤكد المزارعة بمنطقة القدمبلية عزيزة، “أن مخرجات الزراعة من محاصيل متنوعة هي المصدر الرئيسي لغذاء المواطنين”.
وقالت عزيزة:”من انتاجنا هذا نقوم بتجهيز غذاءنا من “العصيدة” والكسره” و”النشا” وهي وجبات رئيسية، كما نقوم بتصنيع مشروب “الآبري” من الذرة حيث يتم الاعتماد عليه بصورة رئيسية في شهر رمضان.
تجربة ناجحة
تعد تجربة عزيزة هارون، من منطقة القدمبلية، واحدة من نماذج التجارب الناجحة، لمشروع توزيع التقاوي، لصغار المنتجين والمنتجات بالسودان، الممول من الاتحاد الأوربي لمواجهة آثار وتداعيات الحرب، قالت عزيزة هارون:”لقد حصلت على منحة تقاوي محسنة لمحصول الذرة لزراعة (10) فدان، لعدد (16) فرد من أسرتين، هما أسرتي، وأبناء اخي المتوفي، وهم يقيمون معي بالمنزل”.
وتحكي عزيزة قصتها قائلة:”لقد زرعت هذه المساحة البالغة عشرة فدان، وبحمد لله كانت معدلات الأمطار جيدة وحققت إنتاجية عالية من الذرة حيث تراوح إنتاج الفدان بين (20_ 18) جوال للفدان”.
شكر وتقدير
“لم يكن بإمكاني زراعة هذه المساحة والحصول على هذا الإنتاج لولا مساعدة الاتحاد الأوربي، وذلك بسبب إرتفاع اسعار التقاوي ومدخلات الانتاج”، هكذا قالت عزيزة.
ومثلها حكت لنا أمونة آدم قصتها، وكيف تحصلت على انتاج كبير بمساعدة الاتحاد الأوربي، عبر منظمة (FAO)، وتسخير هذا الإنتاج بصورة رئيسية في الغذاء والطعام والعيش.
السكان هنا في مناطق الزراعة، وريف ولاية القضارف، في شرقها وغربها، يتقدمون بجزيل الشكر للإتحاد الأوربي، لتقديم هذا الدعم والمساعدة التي جاءت في زمن صعب، وهو زمن الحرب..!
قالت عزيزة هارون” نشكر الاتحاد الأوربي لدعمه لنا وماكان لنا أن نحصل على هذه التقاوي بدون مساعدته لأنها باهظة الثمن”.
آمال ومطالب
تعرب عزيزة هارون، عن أملها في أن تتوقف الحرب في بلادها، ويعم الأمن والسلام ربوع السودان، لعيشوا في سلام، فيكسبون من انتاجهم مايكفي لحاجتهم من الغذاء وحاجة المنطقة.
وتناشد عزيزة الجهات المانحة بتمويلهن وتقديم منح آليات زراعية تساعدهن في عمليات الزراعة والحصاد، وتنوه إلى انتظامهن في جمعيات زراعية، يمكن دعمهن عبرها، كما تلفت عزيزة إلى أهمية تقديم التقاوي في وقت مبكر قبل بدء الخريف، وتقول:”الزراعة هنا تعتمد على المواقيت، ويدخل المزارعون في الزراعة مبكرا بعد بدء هطول الأمطار مباشرة.
أيضا تناشد عزيزة الاتحاد الأوربي بدعمهم بتقاوي محاصيل”السمسم” و”الدخن”و “الفول السوداني”، وتعتقد أنها محاصيل رئيسية بالنسبة في الغذاء والدخل.
وتمتاز ولاية القضارف بمعدلات أمطار عالية، تراوحت بين (1000_ 400) ملم، وشهد هذا الموسم الزراعي الصيفي بالقضارف أمطار عالية، توزعت على جميع المناطق الزراعية، وساهمت منح التقاوي في زيادة الرقعة الزراعية بالولاية، الأمر الذي انعكس على الإنتاج، حيث تحققت إنتاجية عالية خاصة من محصول الذرة الذي يمثل غذاءا رئيسيا للسكان.
مشروع كبير
يصف منسق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، مهندس بانقا هجو الفكي، مشروع توزيع التقاوي للمزارعين، بتمويل من الاتحاد الأوربي (European Union)، بأنه مشروع كبير، وجاء في توقيت مهم لمساعدة السودانيين على العيش أثناء الحرب.
وأوضح بانقا، أن المشروع استهدف توزيع (1500) طن، بعدد (30) ألف جوال، لعدد (150) ألف أسرة، بنحو (600) قرية، موزعة على جميع محليات ولاية القضارف، البالغة (12) محلية.
وقال بانقا “لقد قمنا بتوزيع هذه التقاوي عبر عدد من الشركاء من منظمات محلية وانسانية (زينب لتنميةالمرأة، الوكالة الإسلامية للإغاثة، أصدقاء السلام والتنمية، بناء القدرات)، إضافة إلى وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بولاية القضارف”.
يؤكد بانقا أن المشروع قد حقق نجاحا كبير وترواحت إنتاجية الفدان بين (7_ 15) جوال للفدان، وحقق البعض أعلى من ذلك بتطبيق تقانات، وقال بانقا “لقد ساعد الإنتاج الذي تحقق الأسر في توفير مصروفات العيش، ومقابلة الضائقة الاقتصادية، وحالة التضخم التي أفرزتها الحرب”.
وذكر بانقا، أن هناك عدة تحديات واجهت المشروع تمثلت في ضيق الفترة الزمنية للتوزيع، كميات كبيرة من التقاوي، مقدر لها أن تصل في وقت وجيز، كما أن الأمطار الغزيرة التي شهدها فصل الخريف بالسودان، خاصة ولاية القضارف، عطلت التوزيع. وأشاد بانقا بالسطات الحكومية في القضارف، وقال “السلطات الأمنية ساعدتنا في الإسناد الأمني لتقديم الدعم للمستحقين”.
يناشد مدير مكتب منظمة (FAO) بالقضارف، المانحين بتوفير آليات زراعية لصغار المنتجين، وينوه إلى أن معظمهم منتظم في جمعيات زراعية، كما يناشد ههجو المانحين بدعم صغار المزارعين كذلك بالاسمدة والمبيدات بجانب التقاوي لأهميتها، وصعوبة حصول صغار المزارعين عليها لارتفاع أسعارها، خاصة وأن ظروف الحرب أدت إلى إرتفاع تكاليف ومدخلات الإنتاج.
إذن مشروع تقديم التقاوي لمساعدة السودانيين في الحصول على الغذاء ومواجهة آثار وتداعيات الحرب، الممول من الاتحاد الأوربي عبر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، مثل أهم المشروعات التي تم تقديمها للسودانيين لمساعدتهم في الحرب.
وقد حقق المشروع نجاحا كبيرة إذ أنه أسهم بصورة رئيسية في توفير الغذاء للكثير من السودانييين، النازحين أو المقيمين، وهو مادفع مستفيدون للمطالبة باستمراره والتوسع فيه.