الولادة فى زمن الحرب .. الموت على اعتاب الابواب

لم تدر إنعام ذات الثلاثين عامًا، أن ولادتها هذه المرة ستكون الأخيرة، بعد أن أنجبت في السابق خمسة أطفال دون مشكلات أو مضاعفات. صباح الثلاثاء جاءها المخاض وهي في غرفة تبعد أمتاراً قليلة عن منزل والدة زوجها، التي جاء بها صراخ إنعام. يقول زوجها معتصم حسين لـ”التغيير”.
أسرعت والدة زوجها إلى القابلة التي لم تكن موجودة بمنزلها، وذهبت إلى إحدى القرى المجاورة لتوليد امرأة أخرى.
عادت، مسرعة وطلبت من ابن شقيقها الذهاب للقرية وإحضار القابلة بعربته الكارو (عربة تجرها الحيوانات) وهي وسيلة النقل الوحيدة بعدما تم نهب جميع السيارات بالقرية من قبل “قوات الدعم السريع” التي هاجمت قرية الهشابة التابعة لمحلية القطينة في ولاية النيل الأبيض- جنوبي السودان.
حضرت القابلة ووجدت إنعام في حالة حرجة تتطلب نقلها إلى أقرب مركز صحي لإجراء عملية قيصرية، وبالفعل تم إسعافها إلى مركز صحي بالسيل، لكن الطبيب المعالج ذكر أن المركز لا تتوفر فيه الإمكانات اللازمة لإجراء العملية وطلب تحويلها إلى مستشفى الدويم.
وقبل وصولها إلى مستشفى الدويم أسلمت إنعام روحها إلى بارئها على بعد لحظات من الوصول ليتم قبرها في مقابر الهشابة.
أرقام مخيفة
لم تكن إنعام الوحيدة التي توفيت في حالة الولادة، بل هناك العشرات من النساء اللائي وجدن ذات المصير بسبب تعطل المشافي والرعاية الصحية للحوامل ووصلت الوَفِيَّات إلى أرقام مخيفة- بحسب مصدر طبي.
“لا توجد إحصائية دقيقة لوفيات الأمهات بسبب الولادة، لانقطاع الإنترنت وانعدام الرعاية الصحية الأولية وتوقف المشافي في عدد كبير من ولايات البلاد”. يقول المصدر.
وذكر أنه كان شاهداً على عدد من الوَفِيَّات في المشفى الذي يعمل فيه منذ اليوم الأول للحرب.
حالات مماثلة
ورصدت “التغيير”، عدداً من وَفِيَّات النساء الحوامل بسبب صعوبة الوصول إلى المشافي في ظل الحصار الذي يفرضه طرفا الصراع على تحركات المواطنين خاصة المناطق التي تشهد اشتباكات متكررة.
وفاقمت حرب 15 أبريل 2023، من معاناة النساء الحوامل في السودان بعد خروج أكثر من (80%) من المشافي عن الخدمة، مما اضطر بعضهن للولادة في المنازل ودور الإيواء.