خبيرة مصرية تستبعد تكرار السيناريو الليبي في السودان

خبيرة مصرية تستبعد تكرار السيناريو الليبي في السودان
السودان ومصر

أكدت الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الإفريقية، أن السودان يشهد أعلى مستويات التصعيد منذ اندلاع الحرب، مشيرة إلى أن ما يجري يتجاوز كونه مواجهة عسكرية ليشكل محاولة لفرض أمر واقع جديد يعيد رسم الخريطة السياسية والجيوإستراتيجية للبلاد، خاصة بعد سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع.

مرعي أوضحت في تصريحات خاصة أن السيطرة على الفاشر مثلت نقطة تحول كبرى في مسار الحرب لكنها لا تعني نهايتها، إذ أصبح الصراع في السودان صراعًا مركبًا يتجاوز السيطرة على المدن إلى صراع هويات وبُنى سلطة. وأضافت أن الجيش السوداني أطلق عملية واسعة في إقليم كردفان تمكن خلالها من استعادة مواقع استراتيجية مثل منطقة “كازقيل” غرب مدينة الأبيض، مؤكدة أن العمليات قد تشمل ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان بأكملها، مع استمرار الاشتباكات في بابنوسة.

وأشارت إلى أن السيطرة على كردفان قد تمثل مفتاحًا للتقدم نحو دارفور، نظرًا لأن الطريق الإستراتيجي المؤدي إلى الإقليم يمر عبرها، ولأن قوات الدعم السريع تتمركز بكثافة داخلها، ما يجعل تقدم الجيش عاملًا حاسمًا في تغيير موازين القوى.

وشددت مرعي على أن لا الجيش ولا الدعم السريع قادران على تحقيق انتصار ساحق، معتبرة أن نهاية الحرب ستكون سياسية وليست عسكرية، غير أن غياب الإرادة السياسية وسباق التسلح ورفض الجيش الدخول في مفاوضات قبل استعادة مدن بارا والخوي والنهود يجعل التصعيد هو السيناريو الأقرب.

وأضافت أن السودان يقف أمام مفترق طرق خطير، حيث يفاقم التصعيد الأخير في الفاشر والخرطوم والجزيرة وكردفان معاناة المدنيين، ويسهم في تدهور الوضع الإنساني الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا، مع معاناة 25 مليون سوداني من انعدام حاد في الأمن الغذائي.

وفي ما يتعلق بالتحركات الدولية، أشارت مرعي إلى أن الرباعية الدولية – وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومصر – تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد، مؤكدة أن زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لبورتسودان تعكس اهتمامًا مصريًا واضحًا بمنع انزلاق السودان إلى حرب أهلية شاملة. وأضافت أن واشنطن تتبنى موقفًا أكثر تشددًا تجاه ضرورة وقف القتال، بينما تدفع الإمارات نحو إدماج قوات الدعم السريع في العملية السياسية، في حين يرى البرهان أن التدخل الخارجي يعقد الأزمة.

وعن مخاطر تقسيم السودان، اعتبرت مرعي أن السيناريو الليبي يبقى مستبعدًا في الوقت الراهن، لأن ما يسمى بـ”الحكومة التأسيسية” التابعة للدعم السريع لا تمتلك أي سند إقليمي أو دولي، ولأن المعارك في شمال دارفور ما زالت مستمرة، إلى جانب دعم بعض الحركات المسلحة للجيش.

واختتمت بالتأكيد على أن السودان قادر على تجاوز الأزمة إذا تحقق تنسيق دولي فعّال داخل الرباعية، ومع ضمان مشاركة القوى المدنية السودانية، مشيرة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد أكثر من مرة على أن الحل يجب أن يكون سودانيًا – سودانيًا، لأن المسار السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *