المركزي السوداني و17 مصرفاً تجارياً تستأنف العمل من الخرطوم بعد 3 سنوات من الغياب

المركزي السوداني و17 مصرفاً تجارياً تستأنف العمل من الخرطوم بعد 3 سنوات من الغياب
بنك السودان

قررت سلطات بنك السودان المركزي استئناف عمل البنك من العاصمة السودانية الخرطوم خلال ديسمبر الحالي في إطار دعم الجهود الرامية لإعادة دورة الحياة الاقتصادية وتمكين المواطنين من الحصول على الخدمات المصرفية بصورة مباشرة، فيما حذر مصرفيون من صعوبات أمام استئناف البنك لنشاطه من الخرطوم أبرزها ضعف الاتصال بالشبكات المركزية وتضرر الخوادم الإلكترونية إلى جانب مخاوف أمنية متعلقة بنقل الأموال وتوفير السيولة.

وستتزامن مع عودة المركزي السوداني إلى الخرطوم عودة 17 مصرفاً تجارياً لاستئناف نشاطها وتقديم خدماتها في العاصمة السودانية من خلال فروعها ومكاتبها الرئيسية.

وجاء القرار الذي أعلنته محافظ البنك آمنة حسن بعد نحو ثلاث سنوات من الخراب والدمار الذي لحق ببنك السودان والبنوك التجارية في الخرطوم بسبب الحرب المستمرة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، إذ تعرض 100 فرع للنهب أو التدمير خاصة في ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور، إضافة إلى توقف 70% من الفروع عن العمل في مناطق الصراع. ودفعت الأضرار التي لحقت بقطاع البنوك المواطنين إلى الاعتماد على النظام النقدي غير الرسمي. وتشير تقارير إلى أن المصارف قد فقدت أكثر من 20 مليار دولار من الأصول، كما فقد المواطنون مدخراتهم من ذهب ونقود بعد نهب خزائن المواطنين بالبنوك.

ويعاني بنك السودان المركزي من نقص حاد في موارد النقد الأجنبي، مما أعاق قدرته على دعم الاقتصاد في ظل استمرار تدهور قيمة الجنية أمام العملات الأجنبية حيث صارت السوق السوداء هي المتحكمة في تحديد أسعار الصرف وقفز سعر الدولار مقابل الجنية الى 3800 مقارنة بسعر لم يتجاوز 560 جنيهاً قبل الحرب.

ويقول المصرفي محمد سيد احمد إن بنك السودان سيواجه بتحديات الاقتصاد الموازي الذي يسيطر على جزء كبير من النشاط الاقتصادي، ما يؤدّي إلى ضعف دوره في التمويل إضافة إلى ضعف نسبة الأموال المتداولة داخل النظام المصرفي. واعتبر أن عودة البنك إلى العاصمة الخرطوم تحدٍّ جديد لضمان استقرار الاقتصاد الوطني والتنسيق بين السياسات المالية والنقدية، وقال إن من الضروري اتخاذ إجراءات لتوفير السيولة ومراجعة الأداء المصرفي ومعالجة مشاكل التضخم وإيجاد معالجات لاستقرار في أسعار الصرف ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأدت الحرب المستمرة بين الجيش والدعم السريع إلى ارتفاع نسبة الديون المتعثرة في المصارف السودانية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير التقديرات إلى أن %50 من القروض والتمويلات المصرفية أصبحت غير مستردة بسبب تعطل الأنشطة الاقتصادية وتدمير العديد من المنشآت التجارية والصناعية.

 واستبعد اقتصاديون قدرة البنك المركزي على استعادة نشاطه كاملاً في ظل استمرار الحرب في جزء من البلاد. ويقول الاقتصادي إبراهيم محمود لـ”العربي الجديد” إنه لا يوجد أي أمل قريب لاستعادة هذا القطاع نشاطه كاملاً، خاصة أن رقعة كبيرة من مساحة البلاد لا تزال خارج سيطرة الحكومة، ومن ثم هي خارج نطاق الإنتاج وعمل الجهاز المصرفي، وهذا دليل على تراجع هذا القطاع بصورة كارثية كما أن استمرار طباعة عملة جديدة للسيطرة على الكتلة النقدية الموجودة خارج القطاع المصرفي سيولد مشكلات إضافية للاقتصاد، وتحديداً للمواطنين السودانيين الذين يعانون ويلات الحرب.

ولكن المختصّ في الشؤون المصرفية إلياس بشير يرى في حديثه لـ”العربي الجديد” أن المطلوب من المركزي مجهودات لاستعادة ثقة المتعاملين من خلال تقديم خدمات مصرفية مضمونة وحديثة وتوفير التمويل اللازم لتعويض خسائر الأفراد والمؤسسات، إلى جانب إعادة هيكلة شاملة لتواكب تحديات تمويل المشروعات التنموية والمرافق العامة والصحة والتعليم والمصانع التي دمرتها الحرب.

وأفاد الباحث الاقتصادي والمصرفي هاشم عبد الله رحمة بأن “وضع المصارف الراهن في البلاد سيئ للغاية، بالنظر إلى عمليات النهب التي طاولت معظم البنوك الموجودة في الخرطوم وبعض الولايات من قبل مليشيا الدعم السريع، وهذا بالطبع أفقدها الكتلةَ النقدية التي كانت تسير بها عمليات السحب والإيداع، لذا تأثرت حركة نشاط البنوك كافة، لكن من المعلوم أن البنوك لا تحتفظ بكل مواردها في خزينتها فلديها احتياط مقدّر تحتفظ به في خزانة بنك السودان المركزي الذي تعرض أيضاً للسرقة، من العملات المحلية والأجنبية.

وواصل رحمة “من الطبيعي في ظلّ الحرب أن تتآكل قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وهذا بالطبع له ارتباط بدورة الإنتاج والإنتاجية، ما دامت حركة الاقتصاد متوقفة، وكذلك تعطل عمليات الصادر التي تغذي متطلبات وحاجات البلاد من المواد البترولية أو المواد الغذائية الأخرى التي يحتاج إليها المواطن.

وتتزامن مع عودة البنك المركزي لمزاولة نشاطه من العاصمة الخرطوم عودة 17 مصرفا تجاريا من ضمن 37 مصرفا وبحسب مصادر مصرفية مطلعة تحدثت لـ”العربي الجديد” فإن البنوك المعنية باشرت عمليات إعادة تأهيل مقارها الرئيسية والفرعية في الخرطوم بما يشمل إصلاح البنية التحتية، وتحديث أنظمة التشغيل، وتأمين المرافق الحيوية، استعدادًا لاستقبال العملاء خلال الأسابيع المقبلة. وتشمل هذه البنوك مؤسسات مصرفية وطنية وتجارية بعضها كان قد نقل عملياته مؤقتاً إلى ولاية البحر الأحمر في مدينة بورتسودان ومدن أخرى خلال فترة النزاع.

وقال قرشي سليمان مدير فرع بنك السودان بولاية الخرطوم في تصريحات صحافية إن 17 مصرفاً تجارياً قد أكملت إجراءات العودة لاستئناف نشاطها من الخرطوم، بعد إتمام عمليات إعادة تأهيل مقارها وتحديث أنظمتها التشغيلية، وأكد أن بعض المصارف اتخذت مواقع بديلة بالخرطوم وتم توفير الخدمات الحيوية في المواقع البديلة التي ستباشر منها البنوك أعمالها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *