امريكا والرباعية .. تصريحات جديدة
في سياق دبلوماسي يعكس تنسيقاً متقدماً بين واشنطن وبروكسل، أكد مسعود بولس، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية ومستشار الرئيس الأمريكي لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط، أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ملتزمان بشكل مشترك بتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع القارة الأفريقية. التصريحات جاءت خلال لقاء رسمي جمع بولس برئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث ناقش الطرفان مجموعة من الملفات الإقليمية ذات الأولوية، وأكدا على توافق كامل في الرؤى بشأن القضايا الأكثر إلحاحاً في المنطقة.
توافق إقليمي
بولس أوضح أن اللقاء مع فون دير لايين شهد توافقاً شاملاً حول عدد من القضايا الإقليمية، شملت ليبيا والسودان والمغرب، إلى جانب منطقة البحيرات العظمى. وأشار إلى أن المباحثات ركزت على أهمية استمرار التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في التعامل مع الأوضاع السياسية والإنسانية في هذه الدول، بما في ذلك ملف الصحراء الغربية الذي لا يزال يشكل نقطة حساسة في العلاقات الإقليمية. هذا التفاهم، بحسب بولس، يعكس رغبة مشتركة في الدفع نحو حلول سلمية ومستدامة تعزز الاستقرار في شمال وشرق أفريقيا.
السودان وليبيا
في ما يتعلق بالسودان، أعاد بولس التأكيد على موقف واشنطن الداعم لخارطة الطريق التي طرحتها “الرباعية الدولية” مؤخراً لإنهاء النزاع المسلح في البلاد، واصفاً إياها بأنها تمثل بارقة أمل حقيقية لإنهاء واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم. وشدد على أن القرار النهائي بشأن وقف الحرب واستعادة السلام يجب أن ينبع من إرادة السودانيين أنفسهم، معتبراً أن المجتمع الدولي يمكنه فقط توفير الدعم السياسي واللوجستي اللازم لتسهيل هذا المسار. كما تناول اللقاء تطورات الوضع في ليبيا، حيث تم التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة البلاد ودعم جهود المصالحة الوطنية.
البحيرات العظمى
الاجتماع تطرق أيضاً إلى قضايا منطقة البحيرات العظمى، حيث ناقش بولس وفون دير لايين تنفيذ اتفاقية السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا. وأعرب الطرفان عن قلقهما من استمرار نشاط الجماعات المسلحة، مؤكدين على ضرورة تحييد “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” والجماعات المرتبطة بها، لما تمثله من تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي. كما شددا على أهمية المضي قدماً في فك الارتباط العسكري بين الأطراف المتنازعة، ورفع الإجراءات الدفاعية التي فرضتها رواندا، بما يسهم في ترسيخ السلام وتعزيز الأمن في المنطقة الحدودية.
جولة دبلوماسية
تصريحات بولس جاءت في إطار جولة دبلوماسية مكثفة يقوم بها حالياً، تهدف إلى ترسيخ الحضور الأمريكي في القارة الأفريقية، وتنسيق المواقف مع الحلفاء التقليديين لمواجهة التحديات المتزايدة في عدد من المناطق الساخنة. الجولة تشمل لقاءات متعددة مع مسؤولين أوروبيين وأفارقة، وتأتي في وقت تشهد فيه القارة تحولات سياسية وأمنية متسارعة، تتطلب استجابة دولية متماسكة ومبنية على شراكات طويلة الأمد.
استثمار استراتيجي
وفي سياق متصل، أعلن بولس أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يقفان صفاً واحداً في دعم مستقبل القارة الأفريقية، من خلال الاستثمار في مشاريع استراتيجية ضمن إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي. وأوضح أن هذا الاستثمار يشمل قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية وسلاسل توريد المعادن الشفافة، في خطوة تعكس الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة لأفريقيا في الأجندة الغربية. هذا التوجه، بحسب بولس، يعكس إدراكاً متزايداً لدى واشنطن وبروكسل بأن استقرار أفريقيا ونموها الاقتصادي يشكلان عنصراً أساسياً في الأمن العالمي والتنمية المستدامة.
