جدل فى السودان … تعيين نور الدين ساتى وزيرا للخارجية ضمن التشكيلة المرتقبة

كشفت مصادر صحفية مطلعة، صباح اليوم، عن أن رئيس الوزراء السوداني، الدكتور كامل إدريس، طرح اسم السفير السابق نور الدين ساتي لتولي منصب وزير الخارجية ضمن التشكيلة الوزارية المرتقبة، في خطوة وُصفت بأنها تعكس توجهًا نحو استقطاب شخصيات دبلوماسية ذات خلفية مدنية وخبرة دولية.
وبحسب ذات المصادر، فإن ساتي ظل على تواصل شبه يومي مع إدريس خلال الأسابيع الماضية، وأن اسمه مطروح للتشاور مع الجهات المختصة داخل مؤسسات الدولة، إلا أن التسريب يأتي ضمن سلسلة من الترشحات غير المؤكدة التي غالبًا ما يتم التراجع عنها لاحقًا، وسط استقطابات حادة داخل مكونات السلطة ، خاصة بشأن توزيع المناصب السيادية بين الجيش وحركات سلام جوبا.
خلفية سياسية: من الإقالة إلى احتمال العودة الرسمية
ويُعد نور الدين ساتي أحد أبرز الدبلوماسيين السودانيين الذين تمت إقالتهم في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر 2021، حين رفض التعاون مع القرارات التي أعقبت حل حكومة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك. وكان ساتي قد أعلن في مقابلة تلفزيونية آنذاك رفضه الصريح للانقلاب، مؤكدًا التزامه بالوثيقة الدستورية والانحياز لخيار الشعب السوداني.
في مايو 2020، وافقت الحكومة الأميركية على ترشيحه سفيرًا لجمهورية السودان في واشنطن، ليصبح أول سفير سوداني يُعتمد لدى الولايات المتحدة منذ 23 عامًا، في خطوة وُصفت آنذاك بأنها بداية جديدة في العلاقات الثنائية بعد عقود من العزلة.
ويحمل ساتي (70 عامًا) سجلًا مهنيًا حافلًا، حيث شغل مواقع دبلوماسية رفيعة، ويجيد اللغة الفرنسية بطلاقة، ويُعرف بثقافته الواسعة وكتاباته السياسية والفكرية، إلى جانب نشاطه الأكاديمي في قضايا السلام والمصالحة.
مشاركته في مؤتمر القاهرة: دعوة لحل سلمي شامل
وفي يوليو 2024، ظهر السفير ساتي في مؤتمر “معًا لوقف الحرب في السودان” بالقاهرة، والذي جمع طيفًا واسعًا من القوى السياسية المدنية، بحضور مسؤولين مصريين وإقليميين. وحيّا ساتي في كلمته دور مصر حكومة وشعبًا في رعاية المبادرات الداعية لوقف الحرب، مشيرًا إلى أن المؤتمر جاء في توقيت بالغ الأهمية، منوهًا إلى ضرورة “العمل الجماعي لإخراج السودان من أزمته المتفاقمة”.
وأكد أن الحرب في السودان “طال أمدها وأزهقت أرواح الآلاف”، داعيًا إلى توحيد الصف الوطني وصياغة رؤية واقعية للخروج من المأزق الراهن، معربًا عن تفاؤله بإمكانية فتح مسار سياسي شامل يعيد للبلاد استقرارها ومكانتها الإقليمية.
جدل متجدد داخل الأوساط السياسية حول تشكيل الحكومة
ويواجه إدريس ضغوطًا متزايدة من شركاء الحكم، لاسيما حركات الكفاح المسلح، بشأن تقاسم الحقائب السيادية، وسط حالة من الترقب السياسي بشأن ما إذا كانت التشكيلة المرتقبة ستنجح في تجاوز الانقسامات الحالية.
ويرى مراقبون أن اختيار شخصية مثل نور الدين ساتي، ذات خلفية دبلوماسية مدنية ومعروفة بمواقفها المستقلة، قد يشكّل محاولة لتهدئة المخاوف من هيمنة العسكر على الحكومة، في وقت يشهد فيه المشهد السياسي السوداني توازنًا هشًا بين التكنوقراط والعسكريين، وبين قوى الثورة والحركات المسلحة.
ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كان طرح اسم ساتي سيمضي قدمًا ضمن المشاورات الرسمية، أم أنه سيبقى ضمن دائرة الترشيحات غير المؤكدة في ظل تعقيد المشهد السياسي وتداخل حسابات السلطة.