النزوح واللجوء والجوع متلازمة السودانيين خلال عام 2024م

النزوح واللجوء والجوع متلازمة السودانيين خلال عام 2024م

تقرير:  عاصم اسماعيل

يودع السودانيون العام 2024 املين بالتوصل الى احلال السلام فى البلاد مع استمرار موجات النزوح واللجوء والجوع الذى انهك ولاياته المختلفة في ظل استمرار الحرب مع تواصل القتال الدموي الدائر في البلاد واتساع رقعته بشكل قاد إلى زيادة موجات النزوح الداخلي والخارجي وتفشي الجوع والأوبئة في ظل غياب فرص السلام مع فشل مبادرات إقليمية ودولية في إقناع طرفي النزاع باللجوء إلى طاولة التفاوض.

ويعاني السودان من حرب دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه النظامية منذ منتصف أبريل من العام 2023 خلفت، وفق تقديرات دولية الاف القتلى وملايين النازحين داخل البلاد وإلى الخارج.

خلال العام 2024 تواصلت العمليات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم، وولاية الجزيرة وسط البلاد، فيما باتت ولاية سنار  مسرحا جديدا للقتال، وأضحت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مركزا رئيسيا للمواجهات غرب السودان.

وتغيرت الخارطة العسكرية حيث اصبحت القوات المسلحة السودانية اقرب الى الاهجوم منها الى مليشيات الدعم السريع وباتت تحرز تقدما واضحا باستعادة عدد من المدن والولايات المهمة مثل ولاية سنار واحكمت الخناق على ولاية الخرطوم والجزيرة. ورغم التقدم الا ان ولاية الجزيرة شهدت مجازر  بشرية قامت عم بهالامليشيات الدعم السريع عقب انضمام قائدها ابو عاقلة كيكل الى القوات المسلحة فى 20 اكتوبر 2024م.

كما استمرت المواجهات في محيط مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وتحاول قوات الدعم السريع السيطرة على أكبر مدن إقليم دارفور، والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيدها.

اتساع رقعة الحرب فى السودان ادي الى ازدياد اعداد النازحين وزاللاجئين وساهم فى تدهور  الاوضاع الانسانية وتفاقم معاناة المواطنيين .

اخفاق مبادرات اقليمية ودولية :

خلال العام 2024م أخفقت مبادرات إقليمية ودولية في إقناع طرفي النزاع في السودان بوقف القتال والاحتكام إلى طاولة التفاوض خلال العام 2024

ومع تواصل الحرب في السودان وتوسع رقعة القتال، تضاعفت أعداد الفارين داخل وخارج البلاد، وتزايد انتشار الأوبئة مع تدهور كبير في قطاع الصحة وتناقص الغذاء بالبلاد، فبينما كانت أعداد النازحين واللاجئين السودانيين في ديسمبر 2023 نحو 7.1 مليون نازح ولاجئ وفق الأمم المتحدة، تضاعف العدد خلال العام 2024 ليتجاوز 14 مليون شخص، بحسب آخر إحصائية صادرة عن منظمة الهجرة الدولية

ووفق الإحصائية الأخيرة، هناك 11 مليون نازح داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة.

وتتكدس ولايات البحر الأحمر، كسلا، والقضارف بشرق السودان، علاوة على ولايتي نهر النيل والشمالية شمالي البلاد وولاية النيل الأبيض (وسط) بآلاف النازحين الذين اضطرّوا لمغادرة منازلهم تحت وطأة القتال.

ومن بين 11 مليون نازح داخل البلاد، يبلغ عدد النساء أربعة ملايين، بينما بلغ عدد الأطفال النازحين ثلاثة ملايين، وفق إحصاءات حكومية.

ووفق الأمم المتحدة، لم يتم تحصيل إلا 27 في المائة فقط من إجمالي قيمة خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين السودانيين للعام 2024 المقدرة بـ 1.51 مليار دولار.

تحذير من حدوث مجاعة :

كما حذر تقرير دولي نُشر في 27 يونيو 2024 من خطر حدوث مجاعة في 14 منطقة سودانية، إضافة إلى مستويات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي الحاد بأنحاء البلاد. وظل ملف المساعدات الانسانية حاضرا فى فتح المعابر الحدودية حيث ظلت الاطراف تتنازع فيه وطالت الاتهامات فيه كل الاطراف.

وحتى أكتوبر من العام 2024 بلغ عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في السودان 28.9 مليون شخص، بينهم 16.9 مليون بحاجة إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة، وفق مفوضية العون الإنساني الحكومية، ولكن خبراء فى مجال الامن الغذائي يرون ان التاثير الحقيقي للحرب لم يتضح على الوضع الغذائي بالبلاد مع رفض الحكومة القائمة ان البلاد تعيش فى مجاعة بناءا على مناشدات مواطنيين فى مناطق النزاع بضرورة تقديم المساعدات الانسانية لعدم توفر الغذاء بعد اغلاق الطرق ومنع عبور الشاحنات المحملة بالغذاء الى المناطق المنكوبة اضافة الى تاثر المشاريع الزراعية وفشل الموسم الزراعي بشهادة عدد من المزراعين بولاية الجزيرة وسنار والنيل الابيض بعد اقرار وزير الزراعة بنهب ممتلكات المزراعين والاليات الزراعية من قبل مليشيات الدعم السريع ، كما ساهم الحظر المفروض من قبل المليشيات على دخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية فى تفاقم الازمات المعيشية وارتفعت اسعارها بطريقة كبيرة ما جعل اغلب السودانيين يعيشون على “تكايا” الخيرين فى مناطق النزاع .

سمة اساسية فى مناطق النزاع :

انتشار الجوع اصبح السمه الاساسية فى مناطق النزاع بل وامتد اثره الى معسكرات النازحين حيث يرى مختصين ان اعداد المعرضين لخطر الجوع أكبر من تلك الأرقام المعلنة من قبل الأمم المتحدة وحتى من حكومة السودان ، وأضافوا بالتأكيد هناك مناطق لا تستطيع الأمم المتحدة ولا حكومة السودان الوصول إليها وإجراء إحصاء فيها، لا أحد يعرف حقيقة الوضع في جبال النوبة، وفي مناطق واسعة من دارفور.

وبجانب تزايد النزوح وتناقص الغذاء، تفشى عدد من الأوبئة في السودان، خاصة بسبب موسم الأمطار الذي ضرب مناطق واسعة خلال الفترة من يونيو وحتى أكتوبر 2024. ووفق إحصاءات راتبة من قبل وزارة الصحة السودانية، تم تسجيل ما يزيد عن 44 ألف إصابة بمرض الكوليرا، كما أصيب نحو 8500 شخص بحمى الضنك.

وأرجع مختصون انتشار الأوبئة إلى تأثيرات الحرب، التي أدت إلى نقص الإجراءات الاحترازية وتراجع حملات التحصين وقلة التدابير المتعلقة بمكافحة أمراض الخريف من قبل الحكومة والمنظمات الدولية. وتاثر القطاع الصحي بسبب الحرب، وهناك مؤسسات صحية كثيرة خرجت عن الخدمة في عدة مناطق، وتشردت الكوادر الصحية. وتخشى منظمات المجتمع المدنى من موجات ثانية لهذه الأمراض، مع تواصل الحرب وتأثيراتها على القطاع الصحي فإن عوامل انتشارها مازالت متوفرة.

وظل سودانيون يتابعون من خلال مقاطع فيديو مصورة ومنتشرة بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي ما تعرضت له البنية التحتية لعاصمة بلادهم من دمار كبير مما طرح تساؤلات عدة عن حجم الخسائر العامة والخاصة من جراء هذا الدمار، وكيف يمكن إعمارها. وما حال اقتصاد البلاد بعد كارثة الحرب.

ولاية الخرطوم العمود الفقرى:

حيث تعتبر ولاية الخرطوم العمود الفقري للاقتصاد السوداني من حيث البنى التحتية والإنتاج والخدمات الأساسية بما فيها الخدمات المالية والمصرفية والاتصالات، إضافة إلى القوة الشرائية والاستهلاك العائلي

وامتدت الحرب فى خواتيم العام 2023م إلى ولاية الجزيرة أكبر ولايات البلاد من حيث الإنتاج الزراعي بما في ذلك إنتاج القمح الذي يسهم في حصة مهمة من الأمن الغذائي لمعظم المواطنين، إضافة إلى توفير رصيد مهم من النقد الأجنبي لجهة إحلال الواردات أو الصادرات، كذلك امتد تأثير الحرب الي ولايات دارفور الخمس التي ارتكبت فيها أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وأيضاً ولايات كردفان فضلاً عن مناطق في ولايات النيل الأبيض وسنار والقضارف.

وشهد العام 2024م توقف للاتصالات وتدمير البنية التحتية لشبكة الاتصالات والمقاصة الإلكترونية، وشبكات وبنوك المعلومات والمعارف التى توجد في الخرطوم، وكذلك المؤسسات الصحية بما فيها مراكز الأمراض المزمنة ومستعصية العلاج ما زاد من تعقيدات الاوضاع وادت الى دخول عدد من السيرفرات الجديدة لشبكات الاتصالات اصبح مقرها مدينة بورتسودان.

وقدر كثير من الخبراء التكلفة الاولية المباشرة للحرب بحوالى 200 مليار دولار الا أن كلفة توقف الأعمال الخاصة بالإنتاج وقطاعات الأعمال والتجارة والتمويل والإيرادات العامة وخروج كثير من النقد الأجنبي مع من نزحوا إلى خارج البلاد تعتبر باهظة بجميع المقاييس الاقتصادية، مع كلفة تعطل الجهاز المصرفي بصورة كبيرة وتوقف حركة التحويلات المصرفية والتمويل والنقل الجوي والبحري والتجارة العابرة للحدود عبر المعابر، أما كلفة التنقيب عن الذهب وتصديره فهي غير مرصودة حتى الآن، مع إضافة توقف الاستثمار الأجنبي والمنح والإعانات الدولية والإقليمية إلى كلف الحرب.

ازدياد  الكلفة الاجتماعية :

وازدادت الكلفة الاجتماعية المتمثلة في إزهاق الإرواح والإصابات والإعاقات والأمراض والعاهات النفسية وكلف فقدان التعليم العام والعالي والتشرد والنزوح والهجرة من دون كفالة أو رعاية إقليمية أو دولية، وخطر المجاعة الذي يهدد أكثر من نصف سكان السودان. كما نجد أن معظم المواطنين الذين نزحوا بسبب الحرب أو لجأوا إلى الخارج فقدوا أعمالهم وممتلكاتهم أو مصادر دخلهم، أو في الوقت ذاته أصبح معظم العاملين في القطاعين العام والخاص إما عاطلين من العمل أو لا يحصلون على رواتبهم بصورة كاملة أو يتسلموا جزءاً منها على نحو متقطع سواء الذين يعملون على المستوى الاتحادي أو الولائي، مما فاقم مستويات الفقر والمعاناة وحتى الموت بسبب الجوع أو فقدان الرعاية الصحية والدواء، خصوصاً بالنسبة إلى أصحاب الأمراض المزمنة والأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.

وتدهور سعر الصرف بصورة كبيرة خلال العام 2024م وصل الى 2600 جنيه للدولار عده كثيرون احد اعراض الازمة الاقتصادية الهيكلية فضلا عن ضمور الصادرات واحتياطات النقد الاجنبي والعجز الكبير فى ميزان المدفوعات

وعاش السودانيون اسوا عام فى حياتهم جراء العطالة والبطالة والفقر والجوع وارتفاع اسعار الايجارات فى المناطق التى تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية وارتفاع امراض سوء التغذية وانعدام المياه النظيفة والكهرباء فى كل مناطق السودان وزيادة اسعار المحروقات كل ثلاثة شهور ما ادى الى ارتفاع تكلفة النقل الداخلى فى ظل توقف الاعمال والانشطة المتعددة ، واصاب الاقتصاد السوداني شلل اخر اثر قطع امدادات النفط وتوقف ضخ نفط جنوب السودان الذى افقد السودان مليارات الجنيهات شهريا ولم تنجح الوساطات التى قامت بها حكومة جنوب السودان لاعادة ضخ الجنوب الذى ثاتر به جوبا التى تعتمد بنسبة 90 % على الايرادات النفطية.

اساليب سالبة :

وظهرت فى ولايات السودان اساليب سالبة اتخذها كثيرون عاطلون عن العمل واصبح الجنيه السوداني سلعة تباع فى الاسواق لانعدام الكاش كما توقف كثير من المؤسسات العمل بالتطبيقات المصرفية ما زاد من تعقيدات السيولة فى البلاد.

أما بالنسبة للقطاع الصناعى استعرضت وزراة الصناعة فى مؤتمرات صحفية مالحق بالقطاع وقالت ان ما نسبته 90 بالمائة من المصانع والشركات تدمرت فى البلاد واصبحت المصانع خالية من البشروالمعدات والمواد الخام والمال والأنظمة وغيرها، كما تضررت الصناعة في بقية ولايات السودان، وتقدر خسارة هذا القطاع بنحو 20 مليار دولار، في حين دمر في قطاع الخدمات القطاع المصرفي بصورة شبه كاملة في ولاية الخرطوم والجزيرة ودارفور، وتوقفت التجارة في كثير من الولايات الأخرى، وانقطعت خطوط الإمداد وأغلقت طرق الصادر وتأثر ميزان المدفوعات سلبا.

ونلفت إلى الخسائر التي لحقت بسعر الصرف، قبل الحرب كان سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني أقل من 500 جنيه واليوم وصل إلى 2600 جنيه ونتيجة لذلك، فقد الملايين من المواطنين وظائفهم وفقدت الرأسمالية رأسمالها وفقد المستثمرون ثقتهم بالسودان وهربت حتى رؤوس الأموال السودانية من البلاد.

ومع مرور الوقت واشتداد الحرب السودانية قررت قوات الدعم السريع منع صادر السودان الى مصر وهددت باغلاق طريق الدبة الواصل بين مصر ودارفور ومنعت عدد من الشاحنات المرور من دارفور بحجة انها لاتحمل تصاديق من حكومات المليشيا التى شكلتها فى ولايات جنوب دارفور وغرب وشرق دارفور ووسط دارفور.

المشهد الاخير فى العام 2024م هو منع مليشيا الدعم السريع التعامل بالعملة السودانية الجنية والتوجه نحو التعامل بالدولار فى مناطق سيطرتها بعد اعتزام الحكومة تغير العملة السودانية نتيجة للتزوير الذى حدث فيها وما تم من نهب للعملة من بنك السودان المركزى ومطبعة العملة فى الخرطوم ، ورغم ذلك استطاعت الحكومة العمل على تبديل العملة المحلية فئة ال500 وال1000 جنيه فى مناطق سيطرتها بستة ولايات فيما رفضت قوات الدعم السريع التعامل بالعملة الجديدة فى مناطق سيطرتها. ومنعت قوات الدعم السريع طلاب الشهادة السودانية فى المناطق التي تسيطر عليها من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة منذ العام 2023م

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *