الاتجار بمأساة المدنيين السودانيين واستغلال معاناتهم.
فتحي محمد عبده
تشهد الأوضاع في بلادنا تدهوراً متسارعاً يوماً بعد يوم منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، حيث تعرض المدنيون لانتهاكات جسيمة وواسعة النطاق. هذا الوضع الكارثي يستدعي تحركاً عاجلاً من جميع القوى السياسية وكل قوى المجتمع الحية بالإضافة إلى المجتمع الدولي لحماية المدنيين وضمان حقوقهم الأساسية.
يعيش المدنيون السودانيون أوضاعاً إنسانية مأساوية نتيجة هذه الحرب المدمرة والمأساوية، حيث يتعرضون لمختلف أنواع الانتهاكات التي تهدد حياتهم وكرامتهم، على الرغم من المناشدات المتكررة، إلا أن أطراف النزاع تستمر في ارتكاب هذه الانتهاكات بصورة مستمرة.
للأسف، إن استخدام الانتهاكات ضد المدنيين كأداة في الصراع والمزايدة بها على من يدعمون السلام والمحافظة على حياة السودانيين وإنهاء معاناتهم، يعد أمرًا مؤسفًا. كما أن استغلال معاناة المدنيين السودانيين كأداة ضغط في الصراع السياسي والعسكري، واستخدامهم لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، يعكس استخفافًا كبيرًا بحياة المدنيين وكرامتهم من قبل أطراف الحرب وقارعي طبولها.
طوال الفترة الماضية، وجَّه كل طرف أصابع الاتهام إلى الطرف الآخر يتهمه بارتكاب المجازر والانتهاكات. وهي بالطبع انتهاكات يمكن ملاحظتها على أرض الواقع، وتبع ذلك اختلاف في الأقوال والأفعال لكل طرف في هذا الصراع. فبينما يحث أطراف الحرب وداعموهم الناس على إدانة هذه الانتهاكات الصغيرة والكبيرة، إلا أنهم يتجاهلون الحديث عما يحدث من جانبهم. وبالتالي، فإن أفعال أطراف النزاع على أرض الواقع تتعارض مع هذه الشعارات وتكذبها.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة على المستوى الإقليمي والدولي لحماية المدنيين، إلا أن هذه الجهود لم تحقق النتائج المرجوة، بل كانت محبطة في بعض الأحيان. وكان آخر هذه الإخفاقات فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية المدنيين، بسبب الفيتو الروسي الذي أفشل مشروع القرار البريطاني السيراليوني.
ندرك جميعًا أن أي قرار أو إجراء لن يؤدِّ إلى إنهاء معاناة الشعب السوداني فقد يقلل منها بالتأكيد. ولكن الحل الوحيد لإنهاء معاناة المدنيين السودانيين ويجعل من السلام أمرًا مستدامًا هو وقف فوري للعدائيات والانتقال إلى الحلول التفاوضية مصحوبة بعملية سياسية تؤسس لسودان جديد ديمقراطي موحد يسع الجميع ويحترم إنسانيتهم ويوفر لهم الحياة الكريمة. وهنا يجب على المجتمع الدولي ممارسة الضغط على جميع الأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى حل سلمي ينهي هذه الحرب الدامية، لأن استمرار الحرب في السودان أصبح يمثل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. وبناءً عليه، يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاه الشعب السوداني وتقديم الدعم اللازم لحمايته وضمان حقوقه أولها حقه في الحياة.
#لا_للحرب #حماية_المدنيين #أوقفوا_الحرب #سلام_السودان