حماية المدنيين واجب وهدف سامي ونبيل *2*

حماية المدنيين واجب وهدف سامي ونبيل *2*

فتحي محمد عبده

كما ذكرت سابقًا، فإن مسألة حماية الناس في السودان في ظل ظروف الحرب المستمرة والمعاشة تتطلب جهدًا جماعيًا من جميع أصحاب المصلحة في السلام وأولئك الذين يهتمون بالمحافظة على حياة السودانيين وإنهاء معاناتهم.

يجب أن يتم توجيه هذا الجهد في اتجاهين اثنين، الأول نحو الداخل للضغط على الأطراف المتقاتلة للتجاوب مع حملات حماية المدنيين وذلك بتوحيد جميع الأصوات الداخلية لهذا الهدف خلال الفترة المقبلة ليتم سماعها أعلى من أنين الأهالي الذين يتعرضون للانتهاكات وفوق صوت الرصاص الذي يحصد أرواح السودانيين مدنيين وعسكريين.

أما الاتجاه الثاني لهذا المسعى فيجب أن يتجه نحو الخارج ضاغطًا على المجتمعين الإقليمي والدولي وحثه على التحرك بشكل أكثر فعالية للعمل والقيام بواجبه تجاه حماية المدنيين السودانيين وإنشاء مناطق آمنة لهم يحظر فيها جميع الأعمال العدائية العسكرية. وهنا قد يظن البعض أن هذا الطريق أو الاتجاه هو الأكثر سهولة، ولكن بالعكس تمامًا، فإن المجتمع الدولي غير حريص على إقامة هذه المناطق الآمنة لأسباب بعضها متعلق بالإشكالات المالية واللوجستية والبعض الآخر متعلق بأهمية السودان وقضيته ضمن أولويات جدول أعمال المجتمع الدولي نفسه، وهو ما يضعنا أمام ضرورة مضاعفة الجهود والحملات للفت انتباه الضمير الإنساني العالمي تجاه أكبر كارثة إنسانية يشهدها الكوكب في هذه الفترة.

في هذا السياق، وبسبب التشويش الذي ظل دعاة الحرب يقومون به، وآخره هجومهم على التحرك الأخير للقوى الديمقراطية المدنية ومناداتها بضرورة إنشاء مناطق آمنة، حيث وصفوا “كذبًا” هذه النداءات بأنها دعوة للتدخل الدولي والتعدي على السيادة الوطنية، لذلك يجب أن يعي الجميع بأن ما ندعو له من تحرك للمجتمع الدولي والضمير الإنساني والقيام بواجبه تجاه حفظ كرامة وأمن وحياة وطعام السودانيين ليس أمرًا جديدًا ولا بدعة، والدليل على ذلك نحتاج فقط أن ننظر إلى تاريخنا الأكثر حداثة (بعد سنة ٢٠٠٠)، فكم مرة تحرك المجتمع الإقليمي ممثلًا في الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وتم إدخال قوات أفريقية ودولية إلى البلاد من أجل تحقيق السلام وحماية المدنيين والفصل بين المتحاربين؟ هل فقد السودان سيادته حينها؟ أم أن هناك من يستفيد مما يتعرض له أهلنا في جميع أنحاء السودان؟

أخيرًا وبالضرورة، نحن حريصون في الوقت نفسه على أن تتوافق جهود المجتمع الدولي وغيره مع تطلعات الشعب السوداني في تأسيس التحول المدني الديمقراطي وبناء وطنهم القائم على المواطنة كأساس للحقوق والواجبات وفقًا لعقد اجتماعي جديد، وبناء وتأسيس دولة سودانية على أسس جديدة وعادلة تكون فيها السيادة للشعب السوداني ولا غيره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *