هل تتعثر جهود حل الأزمة السودانية وفق المعطيات الجديدة
يرى خبراء سودانيين ان تغير الاستراتيجيات بين قوات الجيش والدعم السريع والتداخلات الدولية ستعقد من الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في السودان التي بدأت منذ منتصف أبريل 2023.
وقال خبراء لموقع “إرم نيوز” إن التغير الواضح في ديناميكية الصراع أدى إلى تحول جذري في واقع الحرب، موضحين أن مستقبل السودان يواجه ثلاثة سيناريوهات تشمل الحرب الأهلية الشاملة أو “التقسيم”، أو الحل السياسي، مستبعدين أي حل عسكري لأي من طرفي النزاع.
*الفوضى والحرب الأهلية*
مع زيادة نطاق القتال ليشمل أكثر من 70% من مساحة السودان، وانعدام آفاق الحل السياسي، ظهرت العديد من الدلائل التي تعزز المخاوف من سيناريو “الفوضى”، الذي سيفرض تداعيات كارثية على المستويين المحلي والإقليمي.
*الحل السياسي*
حتى الآن، أخفقت 10 مبادرات إقليمية ودولية في إيقاف الحرب في السودان، ولكن في المقابل، لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد على أنها ستقوم بالتعاون مع الأطراف الدولية والإقليمية لمواصلة جهود الوصول إلى حل سلمي.
يؤكد توم بيريللو، المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، على عدم إمكانية الحل العسكري، مشددًا على أن التفاوض هو الخيار الوحيد لتسوية الأزمة.
حل سلمي
تظهر المحللة صباح محمد الحسن تفاؤلاً بشأن إمكانية الوصول إلى حل سلمي، وتدل على وجود إشارات لاتفاق دولي يُهيئ لعودة طرفي الصراع إلى مائدة التفاوض في جدة.
لكن شهاب الطيب، القيادي في تنسيقية القوى المدنية “تقدم”، يشير إلى أن هناك تداخلات إقليمية ودولية تؤثر على الأزمة السودانية، مما يزيد من تعقيدها ويصعب العثور على صيغة مناسبة لوقف الحرب.
يوضح لـ”إرم نيوز” أن أزمة السودان تتقاطع مع قضايا تشهد صراعًا بين الدول المجاورة للسودان، حيث تختلف المواقف بشأن دعم أطراف النزاع. ويتجلى هذا الاختلاف في تباين الصيغ المقترحة للحل بين الاتحاد الأفريقي وبعض الأطراف الدولية.
*سيناريو التقسيم*
تخضع أغلب المناطق في ولايات دارفور والجزيرة وسنار والنيل الأزرق لسيطرة قوات الدعم السريع.
من جهة أخرى، يسيطر الجيش بشكل كامل على ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف ونهر النيل والشمالية، بينما يتقاسم الطرفان السيطرة على العاصمة الخرطوم.
أصبحت عمليات التسليح الشعبي الواسعة النطاق تحوّل السودان بالفعل إلى “برميل بارود”، في ظل وجود تفاوتات عرقية وقبلية كبيرة ووجود أكثر من 3 ملايين قطعة سلاح وحوالي 90 حركة مسلحة في أنحاء البلاد.
استقطاب داخلي
لا يستبعد المحلل السياسي شوقي عبد العظيم أن تؤدي الظروف الحالية وعمليات الاستقطاب إلى تحول الحرب إلى صراع داخلي.
يذكر عبد العظيم، في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن الآونة الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في عمليات التحشيد القبلي، مما يزيد من المخاوف من تحول الصراع إلى حرب أهلية شاملة.
ويرى أن هذا الاحتمال يتزايد بشكل مقلق كلما انخفضت فرص التوصل إلى حل سياسي وتراجعت الجهود السلمية.
انتقال الفوضى لدول الجوار
في ظل تصاعد القتال في عدة مناطق حدودية، تزداد المخاوف من انتقال الفوضى إلى الدول المجاورة التي تعاني بعضها من هشاشة أمنية كبيرة.
في حين تُعتبر الفاشر عاصمة إقليم دارفور، التي تشهد صراعات عنيفة منذ أكثر من 6 شهور، نقطة استراتيجية باتجاه تشاد وأفريقيا الوسطى، فإن محور سنار والنيل الأزرق يُعد من النقاط التي تثير القلق بالنسبة لأثيوبيا وجنوب السودان.
يشير موسى شيخو، الخبير في الشؤون الاستراتيجية الإفريقية، إلى الترابط الإقليمي بين الاضطرابات والأزمات، حيث يوضح أن الأوضاع الداخلية في دول الجوار الإفريقي تؤثر بشكل كبير على بعضها البعض.
جماعات متطرفة
تزداد المخاوف من أن الفوضى ستوفر بيئة ملائمة للجماعات المتطرفة العابرة للحدود، خاصةً في ظل وجود صلة بين هذه الجماعات ومجموعات تشارك في النزاع الحالي.
وفقًا لعبد المنعم همت، الأكاديمي والباحث في قضايا الإرهاب، فإن استمرار الصراع قد أدى إلى إضعاف مؤسسات الدولة وفتح ثغرات تتيح الفرص الكبيرة للجماعات المسلحة لممارسة أنشطتها.