ارتفاع واردات السودان من المواد الغذائية .. خبراء يشخصون الوضع الراهن

ارتفاع واردات السودان من المواد الغذائية .. خبراء يشخصون الوضع الراهن

الخرطوم : عاصم اسماعيل

كشف موجز إحصائي لوزارة التجارة الخارجية، عن ارتفاع واردات السودان إلى (893) مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي حيث بلغت قيمة السلع والمواد الغذائية التي استوردتها البلاد خلال الفترة من يناير وحتى مارس المنصرم 2022م 893 مليون دولار أمريكي مقارنة بمبلغ 430.9 مليون دولار أمريكي لنفس الفترة من العام الماضي 2021.

وبلغت قيمة وارد القمح أكثر من 327.1 مليون دولار أمريكي. فيما بلغت قيمة دقيق القمح أكثر من 39.2 مليون دولار أمريكي، بحسب الموجز الإحصائي للتجارة الخارجية الذي يصدره بنك السودان المركزي، بصفة ربع سنوية.

وقد تجاوز ما تم استيراده من السكر خلال الربع الأول من العام المالي الجاري مبلغ 307.3 مليون دولار أمريكي. كما تم استيراد فواكه ومنتجاتها بقيمة 9.6 مليون دولار وخضروات بمبلغ 17.5 مليون دولار. أما اللحوم ومنتجاتها فقد تم استيراد ما قيمته أكثر من 1.7 مليون دولار أمريكي.

إلا أن مختصين أكدوا أن زيادة استيراد السودان للسلع في الآونة الأخيرة يرجع إلى سياسة الحكومة التي تشجع الاستيراد وتحارب في ذات الوقت الإنتاج المحلي لاعتمادها الكبير على فاتورة الجمارك في تسيير نفقاتها المتزايدة، ويرى آخرون أهمية تنويع الصادرات من دول العالم المختلفة لأجل المنافسة ورخص الأسعار.

اربعة الاف وخمسمائة سلعة :

وكشفت وسائل اعلام محلية نقلا عن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس عن استيراد السودان لأربعة الاف وخمسمائة سلعة ومنتج سنويا من دول مختلفة تبين ان الصين تحتل المرتبة الاولي في قائمة الدول الاكثر تصديرا للسودان بثلاثة الف سلعة .

ومن جملة ثلاثة الف نوع من الدواء فان السودان وبحسب مسح صناعي يستورد الف وخمسمائة نوع وابانت احصاءات غير رسمية عن استيراد 500 سلعة من الدول العربية ابرزها مصر.

ويقول خبراء إن الاستيراد يتلقى امتيازات كبيرة والسبب في ذلك هو اعتماد الحكومة على الجمارك في تسيير نفقاتها المتزايدة،  ويؤكد بابكر التوم أن الترهل زائداً الإنفاق الحكومي المتزايد من المال يغطى بتشجيع الاستيراد، ولذا لم تكن الحكومة حريصة على وضع قانون يمنع استيراد سلع غير أساسية، ويضيف برغم ذلك لم يكن هنالك اثر ملموس على مضاعفة الرسوم الجمركية.

ويقول المحلل الاقتصادي هيثم فتحي أن الاقتصاد السوداني حاليا في مرحلة اتحاد العوامل (التضخم، وضعف الإنتاج والصادرات، وانفلات الكتلة النقدية، والعامل النفسي، وحالة عدم الثقة وسط قطاع الأعمال والمستهلكين والمستثمرين). ويشير إلى التراجع المتواصل في أداء القطاعات الإنتاجية الرئيسة الزراعة والصناعة ، الامر الذي أدى إلى ظهور اختناقات هائلة في الإنتاج زادت من الاعتماد على الاستيراد، خاصة الاستيراد الغذائي، وقلصت من حجم الصادرات، وبالتالي زاد الطلب على النقد الأجنبي، علما أن عائد صادرات الذهب لا يتعدى 1.2 مليار دولار في العام أي ما يعادل حوالي 18% فقط من فاقد صادرات النفط قبل انفصال جنوب السودان في 2011

4 مليارات دولار :

وسبق ان أوقف السودان في العام 2017م  استيراد نحو 19 سلعة، تصل تكلفتها السنوية لنحو 4 مليارات دولار، ضمن محاولات السيطرة على العجز التجاري.

وأصدرت وزارة التجارة السودانية قائمة بالسلع الممنوع استيرادها، شملت منتجات اللحوم والحيوانات الحية والأسماك والخضراوات والفواكه والزيوت، ونحو 9 سلع هامشية أخرى، مثل محضرات الكاكاو والزهور الصناعية والعصائر بجميع أنواعها ولعب الأطفال والتسلية وطيور الزينة وحلاوة الطحينة والمراتب الإسفنجية.

وكشف وسائل اعلام عن استيراد السودان لأربعة الف وخمسمائة سلعة ومنتج سنويا من دول مختلفة تبين ان الصين تحتل المرتبة الاولي في قائمة الدول الاكثر تصديرا للسودان بثلاثة الف سلعة بحسب الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس.

ومن جملة ثلاثة الف نوع من الدواء فان السودان وبحسب مسح صناعي يستورد الف وخمسمائة نوع وابانت احصاءات غير رسمية عن استيراد 500 سلعة من الدول العربية ابرزها مصر.

ويقول الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان ان قطاع الصادر من اضعف القطاعات في السودان ويضطر الى تبنى سياسات غير قانونية حتى لا يتعرض للإجراءات المعقدة التي تتخذها الحكومة.

الا انه يرى ان الاستيراد يتلقى امتيازات كبيرة والسبب في ذلك هو اعتماد الحكومة على الجمارك في تسيير النفقات المتزايدة لقطاعاتها المترهلة وان الترهل زائدا الانفاق الحكومي المتزايد من المال يغطى بتشجيع الاستيراد.

فائدة مباشرة

ويقول اخرون ان الحكومة لم تشعر بان الصادر “على قلته” يحقق فائدة مباشرة لها بينما قطاع الصادر يوفر العملة والوظائف للقطاعات الشبابية ولذلك تزداد البطالة وانهار الجنيه نتيجة لهذه السياسات وادمان الحكومة للصرف غير المرشد.

ويقول الفاتح  لا توجد شركات متخصصة في الصادر تمتلك امكانيات كبيرة تستطيع فتح اسواق عالمية لمنتجات السودان كما لا توجد جهة لديها انتاج بمواصفات عالمية حتى اصبح قطاع الانتاج والصادر عشوائيا.

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور فيصل عوض  ان السودان تنطبق عليه ثلاث حالات (عدم انتاج او انتاجه لا يغطى الحاجة الفعلية او تكلفة انتاجه اعلى من تكلفة الاستيراد).

وارجع الاسباب الى الحكومة التي تفرض رسوما تعجيزية ادت الى اخراج الكثيرين من دائرة الانتاج حتى في الجوانب التي تمتلك فيها السودان ميزات كالزيوت والالبان ومشتقاتها. ولكنه يرى بأهمية وضع استراتيجية قطاعية من قبل مختصين مع مراعاة الغاء الرسوم المفروضة على الانتاج وما دون ذلك لن يتحقق ردم الفجوة بين الصادر والوراد وتزداد كميات الاستيراد يوما بعد يوم.

واصبح السودان شبه مستورد كليا للمواد الغذائية ما جعل اسعار الدولار تلعب دورا رئيسيا في تسعير السلع الاساسية بالأسواق.

وفى يناير من العام 2020 م قالت وزارة المالية السودانية إن السودان سينشئ صندوقا لتمويل التجارة بقيمة ملياري دولار لدعم استيراد وتصدير سلع رئيسية مثل القمح.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية الخبر، وقالت إن الصندوق الجديد سيساهم فيه عدد من البنوك وشركات القطاع الخاص لدعم تصدير الصمغ العربي والماشية والذهب، وتمويل استيراد السلع الأساسية مثل القمح والوقود والأدوية.

ولم يتضح ما هي المحفزات التي سيطرحها الصندوق لثني المستوردين والمصدرين عن السوق السوداء وتشجيعهم للتوجه إلى الصندوق.

تعديلات للضوابط

في يونيو من العام 2021م أعلن بنك السودان المركزي عن إجراء عدد من التعديلات لضوابط الاستيراد بهدف إحكام صياغة الضوابط الخاصة بالاستيراد من موارد الحسابات الحرة بالنقد الأجنبي وذلك بالرجوع لوزارة التجارة فقط عند الحاجة لاستيراد سلع خارج قائمة السلع الاستراتيجية والضرورية.

وأشار البنك في منشورين عممهما على المصارف وشركات الصرافة إلى أن التعديلات هدفت للتأكيد على اشتراط بأن يتم تأمين البضائع المستوردة بواسطة الشركات الوطنية فقط باستثناء بعض حالات الاستيراد الخاصة بالمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية بجانب بعض الحالات الأخرى التي تستوجب التأمين بالخارج. كما سمحت التعديلات بالدفع المقدم في حالة استيراد الآلات والمعدات وقطع الغيار المرتبطة بالقطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية.

واستورد السودان سلع غذائية مصرية بقيمة 186 مليون دولار خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر من العام الماضي، مقابل 65 مليون دولار في الفترة المقارنة من 2020.

واستحوذ السودان على حصة تلامس 5% من صادرات مصر الغذائية في أول 11 شهرًا من العام الماضي.

واحتل السودان قائمة أهم الدول التي حققت أعلى قيمة زيادة في الصادرات خلال الفترة المذكورة إذ زادت 121 مليون دولار، بحسب المجلس التصديري للصناعات الغذائية.

وصدرت مصر صناعات غذائية بقيمة 3.8 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2021، مقابل 3.2 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي بزيادة 18%.

وتعد السوق السودانية واحدة من أبرز وأهم الأسواق للصناعات الغذائية المصرية، خاصة مع تطور العلاقات خلال السنوات الأخيرة، وفقًا لرئيس شركة “مو للصناعات الغذائية”، حمدي الأبرق.

نمو الصادرات

ويبرز نمو الصادرات من خلال إعادة السودان حركة استيراد الأغذية المصرية بصورة طبيعية خلال العامين الأخيرين، بعد أن حجمتها في وقت سابق من العام 2017، مع الحاصلات الزراعية.

ولا يصدر السودان سوى عشرة سلع من بينها السمسم والقطن وحب البطيخ والموز والبرسيم الذى يمثل 85% من مجمل الصادرات.

وتقول احصائيات غير موثقة ان العجز في الميزان التجاري يقدر ب7 مليار دولار فالواردات  10مليار وصادراتنا ٣ مليار رغم بيانات الحكومة التي تشير الى انخفاض في الواردات.

ورغم ارتفاع واردات السودان من السلع الغذائية الا ان وزارة الزراعة السودانية قالت ان عدد الذين يعانون من انعدام الامن الغذائي بالبلاد يقدر ب 9.6 مليون شخص ما يعادل 20% من سكان البلاد الذين يحتاجون الى التدخل العاجل من قبل الحكومة ومنظمات المجتمع الدولي.

ورسم حمزة عبدالله مدير الادارة الفنية للأمن الغذائي بوزارة الزراعة السودانية صورة قاتمة عن الامن الغذائي لهذا العام مشيرا الى ان انتاج الحبوب قد انخفض بنسبة 35% مقارنة مع انتاج العام الماضي، وقال ان انتاج هذا العام من الحبوب يقدر بنحو خمسة مليون طن فقط ، واشار الى الاسباب التي ادت الى ذلك التراجع من بينها التردي البيئي وارتفاع اسعار مدخلات الانتاج الزراعي وتذبذب اعمال الري بالإضافة الى التحديات الاقتصادية التي واجهت البلاد خلال الفترة الماضية.

وفى مارس الماضي اصدرت الامم المتحدة بيانا أعربت فيه عن مخاوفها من أن عدد الناس الذين يعانون من المجاعة الحادة في السودان قد يرتفع الى ضعفين خلال الأشهر القادمة. وحذرت من أن التأثيرات الناجمة عن النزاع في أجزاء من إقليم دارفور ومنطقة كردفان والأزمة الاقتصادية وضعف الحصاد تقوض قدرة الناس على الوصول إلى الغذاء في السودان.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *